تُحاول جُلّ الأطراف السياسية بسط مساعيها ، لتخليص البلاد من المشاكل الاجتماعية و الاقتصادية ، التي ما فتئت تتفاقم كاشفة عن هوّة عميقة بين ما كان يطمحُ له المواطن التونسيّ و بينما يعيشه اليوم ، فإن تنتهي مشكلة حتى تندلع أخرى ، و كأنّ واقع الحال يقول أنّ تونس سقطت وسط دائرة لانهائية من الأزمات المتواصلة ، و ما زاد الوضع بلّة، هو ذاك الخلاف الحادّ الذي نشب بين الطرف الحكوميّ و النقابي ، حيث ما فتئت المركزية النقابية تطالب بتغيير حكوميّ و لم تفصح إن كان مطلبها يشمل تغيير رئيس الحكومة يوسف الشاهد نفسه ، ليُشعل هذا الخلاف المواقع الاعلامية التي أثثت حصصها بالمداخلات الناريّة لقيادات اتحاد الشغل الي أعلنت بصحيح العبارة أنّها تُطالب برأس الشاهد ، ذلك الذي تسبب في تعميق الأزمة الاقتصادية ، على حدّ تعبير اتحاد الشغل . باشتداد الخلاف بين الاتحاد و الحكومة ، دقّت أطراف سياسية في البلاد جرس الانذار ، مطالبة بتدخل الأطراف الوازنة في البلاد على خطّ النزاع لتدارك ما لا يحمد عقباه ، هذا الانذار استجاب له كلّ من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي اجتمع يوم السبت الفارط برئيس الحكومة و المنظمات الوطنية و رئيس مجلس النواب ، لتليه تحركات من قبل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ، الذي التقى يوم الثلاثاء 10 أفريل، كلاّ من أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول في مكتبيهما في مشاورات تتزامن مع ندوة تنظمها الحكومة حول الاصلاحات الكبرى ومع تواصل اجتماعات لجنة قرطاج. وأوضحت منظمة الأعراف أن اللقاء الذي جمع بين رئيس المنظمة و الغنوشي تم بحضور عدد من أعضاء المكتب التنفيذي تناول الوضع الاقتصادي والاجتماعي العام بالبلاد والإصلاحات التي يتطلبها الوضع الراهن ومسؤولية مختلف القوى الوطنية حتى تتجاوز تونس المصاعب التي تواجهها اعتمادا على الحوار والتوافق. أما الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفّي ، فقد أكد أن اللقاء يأتي في إطار سلسلة اللقاءات التي انطلق في عقدها الطبوبي منذ مدّة مع مختلف الاحزاب السياسية والمنظمات الوطنية في ظلّ هذا الظرف الصعب الذي تمر به البلاد على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وأضاف الشفي، في تصريح لحقائق أون لاين، أن الطبوبي يسعى إلى تبادل وجهات النظر وتدارس "الأوضاع المخيفة" التي تعيشها تونس والتوصل بالتالي إلى مقاربة من شانها تأسيس رؤية قادرة على تجاوز هذه الأزمة، حسب تعبيره. ويأتي اللقاءان بعد 3 أيام من عقد اجتماع خماسي بقصر قرطاج جمع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد ورئيس البرلمان محمد الناصر وامين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي ورئيس منظمة الاعراف سمير ماجول ، واستثنيت منه الاحزاب. هذا و نظمت الحكومة اليوم الاربعاء 11 افريل ندوة وطنية حول الإصلاحات الكبرى و التي حضرها مختلف المنظمات و المؤسسات والشخصيات ، إلاّ أن الندوة شهدت تغيب كلاّ من اتحاد الشغل و الجبهة الشعبية . و يُعيب المتاعبون للشأن العام في تونس ، على الاتّحاد و الجبهة الشعبية تعاملهما "السلبي" مع الحكومة حتى أن كلفهم ذلك التضحية بالمصلحة العامة للبلاد ، و باتت كل من المنظمة و الحزب يعتمدان في معاملتهما مع حكومة الشاهد سياسة المعارضة لأجل المعارضة ، و رفع "اللاءات" الكثيرة رغم ما تقتضيه الحاجة من تكاتف و تعاضد جميع الأطراف على اختلافاتهم ، استجابة لما يتطلبه الظرف الحساس التي تمرّ به البلاد.