لا يزال المشهد السياسي ضبابيا فيما يتعلق مصير يوسف الشّاهد و حكومته في ظلّ انقسام المشهد السياسي بين متمسّكين بإقالته و آخرين مصرّين على إجراء تحوير وزاري جزئي دون إبعاد الشّاهد ، لا يزال الجدل متواصلا سيّما وأن هناك تعارضا تاما بين مكوني المشهد السياسي البارزين في البلاد (النهضة ونداء تونس) حول موقفيهما تجاه الحكومة. ومع مطالبة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوسف الشاهد مؤخرا بالإستقالة من الحكومة أو طلب تجديد الثقة من البرلمان في حال استمرت الأزمة، ارتفعت وتيرة الغموض الذي يطوق مصير الحكومة، فيما لم يردّ يوسف الشاهد إلى حدّ الآن على ما جاء على لسان السبسي ، وواصل القيام بمهامه على رأس الحكومة كسابق عهده ، موجها رسالة ضمنية إلى الجميع بأنه مواصل أعماله طالما لايزال على رأس مهامه. ويرى متابعو الشأن السياسي أن الشاهد يخوض معركة كسر عظام طاحنة في حزب نداء تونس ضد المدير التنفيذي للحزب ونجل الرئيس حافظ قايد السبسي، لا سيما وقد أضحىى الصراع على السلطة بين الشاهد. ويرى مراقبون أن خطاب الرئيس لم يزد الوضع إلا تعقيدا، من خلال انحيازه الواضح لنجله على حساب مصلحة الدولة. وفي تعقيبه على ذلك، أكد أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد في تصريحات اعلامية أن بعض احكام الدستور التونسي تمنع ثلث مجلس نواب الشعب من تقديم لائحة لوم لرئيس البرلمان وذلك للتصويت على سحب الثقة من الحكومة في هذه الفترة،وفي المقابل يمكن لرئيس الجمهورية ان يطالب بتجديد الثقة للحكومة ،ولايمكنه اقالة رئيس الجكومة بصفة مباشرة. ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي عبد الله العبيدي أن ماجاء في كلمة رئيس الجمهورية الأخيرة بخصوص الحكومة يعدّ "مناورة سياسية" للسبسي في محاولة لتوحيد مواقف نواب نداء تونس ضد الشاهد، وقلب المعادلة البرلمانية لصالح نجله أمام إصرار الشاهد على عدم تقديم استقالته ومواصلة معركته ضد نجل الرئيس. ويرى العبيدي أن تغليب المصلحة الشخصية لرئيس الجمهورية وخروجه عن كونه رئيسا جامعا لكل الأطياف السياسية في آخر حوار له أضر بصورته، وتحول من عامل استقرار إلى طرف في الأزمة. وشدد على أن سيناريو رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد يتكرر هذه المرة مع يوسف الشاهد بهدف إرضاء نجل الرئيس. على صعيد متصل، كانت مجموعة من نواب البرلمان قد أعلنت استعدادها لتقديم عريضة في 21 جويلية الجاري، ممضاة من 60 نائبا عن "الكتلة الديمقراطية" و"الجبهة الشعبية " لمطالبة رئيس الحكومة بالقدوم إلى البرلمان بهدف عرض تجديد الثقة في حكومته. وينصّ الفصل 97 من الدستور التونسي لما بعد الثورة أنه "يمكن التصويت على لائحة لوم ضد الحكومة، بعد طلب معلل يقدم لرئيس مجلس نواب الشعب من ثلث الأعضاء على الأقل. ولا يقع التصويت على لائحة اللوم إلا بعد مُضيّ 15 يوما على إيداعها لدى رئاسة المجلس". ويشترط لسحب الثقة من الحكومة، موافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس، وتقديم مرشح بديل لرئيس الحكومة يُصادَق على ترشيحه في نفس التصويت، ويتمّ تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتكوين حكومة جديدة. هذا وأفادت مصادر إعلامية ان يوسف الشاهد سيعلن قريبا عن تركيبة حكومته بعد التحوير الجزئي قبل عرضها على البرلمان،ولن يتم ذلك الا بعد ضمان اغلبية مريحة على مستوى التصويت والمشاورات جارية مع الكتل البرلمانية.