أمام استمرار الضّبابية التي تطوّق مسألة مصير يوسف الشّاهد و حكومته في ظلّ انقسام المشهد السياسي بين متمسّكين بإقالته و آخرين مصرّين على إجراء تحوير وزاري جزئي دون إبعاد الشّاهد ، لا يزال الجدل متواصلا سيّما وأن هناك تعارضا تاما بين مكوني المشهد السياسي البارزين في البلاد (النهضة ونداء تونس) حول موقفيهما تجاه الحكومة. ومع مطالبة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوسف الشاهد مؤخرا بالإستقالة من الحكومة أو طلب تجديد الثقة من البرلمان في حال استمرت الأزمة، ارتفعت وتيرة الغموض الذي يطوق مصير الحكومة. فيما لم يردّ يوسف الشاهد إلى حدّ الآن على ما جاء على لسان السبسي ، وواصل القيام بمهامه على رأس الحكومة كسابق عهده ، موجها رسالة ضمنية إلى الجميع بأنه مواصل أعماله طالما لايزال على رأس مهامه. ويرى متابعو الشأن السياسي أن الشاهد يخوض معركة كسر عظام طاحنة في حزب نداء تونس ضد المدير التنفيذي للحزب ونجل الرئيس حافظ قايد السبسي، لا سيما وقد أضحىى الصراع على السلطة بين الشاهد والسبسي الإبنعلى أشده بعد طرح مسألة إقالته، مما دفع الشاهد لإعلان الحرب عليه بعد خطابه الأخير الذي اتهم فيه حافظ قائد السبسي بتدمير الحزب ممّا ألقى بظلاله على استقرار البلاد. وفي تعقيبه على ذلك، أقر نائب رئيس كتلة حركة نداء تونس محمد سعيدان بوجود إرباك كبير على العمل الحكومي والبرلماني بسبب الأزمة الداخلية في حزبه، كاشفا أن "هناك صعوبات داخل الكتلة لتوحيد مواقف نوابها بشأن التصويت لفائدة مشاريع قوانين حكومية، مثلما الحال لبعض الكتل الأخرى". ولفت سعيدان إلى أن هناك انقساما داخل حزب نداء تونس نفسه بشأن إقالة الشاهد، متابعا "هذه المعركة بدأت للتو والحل الوحيد لحسمها هو الإسراع بعقد مؤتمر وطني لحزبنا". ومن جهته، أرجع القيادي في حركة النهضة محمد القوماني الأزمة السياسية في البلاد إلى الصراع داخل حزب نداء تونس بين حافظ والشاهد، ملاحظا أن غيوم تلك الأزمة ألقت بظلالها على مؤسسات الدولة، وأربكت عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية على حدّ سواء. كما اعتبر ان استمرار الأزمة يعمق تعطيل حركة الدولة مع بروز استقالات في الحكومة، ويربك الإدارات الحكومية التي تعمل في مناخ من التردد، متوقعا أن تكون هناك تداعيات سلبية على البرلمان مع غياب أغلبية مستقرة تمرر القوانين. و نوه القوماني بأن رئيس الحكومة مطالب بالابتعاد عن الصراع الحزبي والتفرغ لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية.