ما انفك تعطيل إرساء المحكمة الدستورية يثير الكثير من الجدل على الساحة السياسية والحقوقية، نظرا لأهمية هذه الهيئة في استكمال مسار الانتقال الديمقراطي الذي تمضي تونس قدما في تحقيقه.. و قد مر أكثر من أربع سنوات على إقرار إحداثها في دستور 2014 ، ومع ذلك مازالت أزمة المحكمة الدستورية تراوح مكانها ولم يقع حلها بعد و بقيت رهينة اتفاق الكتل البرلمانيّة. و يمضي البرلمان قدما من أجل ردم الفجوة التي ظلت منقوصة في المسار الديمقراطي للبلاد، و ذلك من خلال العمل على الإسراع في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية المرتقب ارساؤها منذ إصدار دستور 2014. و يتولى مكتب مجلس نواب الشعب عقد جلسة انتخابية اليوم الثلاثاء لانتخاب ثلاثة اعضاء في المحكمة الدستورية وذلك بعد فشله في انتخاب المرشحين في دورات متتالية نتيجة غياب التوافقات الواسعة التي يقضي بها التشريع من خلال تحصيل اغلبية ثلثي البرلمانيين. وفي صورة فشل البرلمان مرة اخرى في التوافق على اعضاء المحكمة الدستورية ستجد المؤسسة التشريعية نفسها امام مبادرة تشريعية تقدمت بها الحكومة وتهدف الى الحط من اغلبية الثلثين والنزول بها الى ما هو ممكن. هذا وأكّد رئيس مجلس نواب الشعب محمّد الناصر ضرورة استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية وشدّد على أهمية إرسائها من أجل ضمان علوية الدستور وحماية النظام الجمهوري الديمقراطي. وقد فشل البرلمان في مناسبات متتالية من الإجماع على الأسماء المطروحة التي قدمتها الأحزاب الممثلة بالبرلمان وهم المترشحون سناء بن عاشور عن صنف الأساتذة الجامعيين والعياشي الهمامي بصفته ممثلا للمحامين وروضة الورسغيني ممثلة عن سلك القضاة وعبد اللطيف البوعزيزي عن غير المختصين في القانون. وينص قانون المحكمة الدستورية، الصادر سنة 2015، على أن المحكمة الدستورية تتكون من 12 عضوا، ينتخب مجلس نواب الشعب أربعة أعضاء منهم بالاقتراع السري وبأغلبية الثلثين من أعضائه (145 صوتا)، وفي حال لم يحظ المترشح بالأغلبية المطلوبة بعد ثلاث دورات متتالية يتم الإعلان عن فتح باب الترشحات من جديد لاستكمال الأعضاء المنقوصين. أما الثمانية أعضاء المتبقين فيقع تعيينهم بالتساوي من قبل رئيس الجمهورية والمعهد الأعلى للقضاء. يذكر أن الدستور نص على أنه يجب إرساء المحكمة الدستورية خلال سنة من تاريخ الانتخابات التشريعية، التي أجريت في شهر أكتوبر 2014، إلا أن البرلمان عجز عن إرساء هذه الهيئة الدستورية بسبب عدم التوافق على الأسماء المطروحة من الأحزاب وتمسك كل كتلة برلمانية بمرشحيها. وتم إعادة فتح باب الترشحات لهذه الهيئة القضائية في شهر أفريل المنقضي. وكان طارق الفتيتي، رئيس اللجنة الانتخابية بالبرلمان،، أن عدد ملفات الترشح المستوفية لكل الشروط، بلغ 11 ملفا من بينهم 7 ملفات لمترشحين في إختصاص القانون. ويشار إلى أنه تم يوم 14 مارس الفارط التصويت لفائدة القاضية روضة الورسيغني لنيل عضوية المحكمة الدستورية ب150 صوتا، على أن يتم انتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين الثلاثاء المقبل. ومنح الدستور المحكمة الدستورية صلاحيات تهم مراقبة دستورية القوانين ومشاريع القوانين والمعاهدات الدولية والنظام الداخلي للبرلمان. كما أوكلت لهذه الهيئة القضائية المستقلة مهمة ضمان علوية الدستور وحماية النظام الجمهوري الديمقراطي والحقوق والحريات في نطاق اختصاصاتها ووفق ما يضبطه القانون