يمرّ الاقتصاد التونسي هذا العام بمفترق طرق واختبار حقيقي فإمّا أن يحقق خطوة نحو التعافي خاصة في ظلّ الإجراءات المجحفة التي اتخذتها الحكومة أو أن ينزلق إلى طريق التأزّم والكساد والتراجع بسبب تتالي سنوات القحط في الإنتاج والاستثمار وتواصل ارتفاع التضخّم وانخفاض النمو. وتشير عديد الأرقام إلى سير الاقتصاد الوطني نحو التعافي في ظلّ نجاح بعض الإجراءات الحكومية حيث أكّد مدير المعهد الوطني للإحصاء الهادي السعيدي أمس الخميس 16 أوت 2018 أن نسبة النمو المسجّلة خلال الثلاثي الثاني من سنة 2018 بلغت 2.8 بالمائة مقابل 2.5 بالمائة في الثلاثي الأول من سنة 2018 وذلك بفضل نمو القطاع الفلاحي ب9 بالمائة والصناعات غير المعملية ب1.3 بالمائة والصناعات المعملية ب0.8 بالمائة والخدمات المسوقة ب3.3 بالمائة. وقدم المعهد الوطني للإحصاء خلال ندوة صحفية الخميس 16 أوت 2018 الحسابات القومية للنمو الاقتصادي للثلاثي الثاني من سنة 2018 الذي سجل ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للثلاثي الثاني من سنة 2018 بنسبة 2,8% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية وبنسبة 0,6% مقارنة بالثلاثي السابق. وهي نسبة لم يتم تسجيلها منذ الثلاثي الأول من سنة 2014. كما تم تسجيل نمو بحوالي 2,6% في السداسي الأول من هذه السنة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية مقابل 1,9% في السداسي الأول من سنة 2017. وسجّل التبادل التجاري مع الخارج بالأسعار القارة، خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2018، ارتفاعا على مستوى الصادرات بنسبة 5.9 % وعلى مستوى الواردات بنسبة 2.1 %، كما شهدت المواد المصدرة والمواد الموردة زيادة بنسب قدّرت على التوالي ب16.4 % و18.3 % على مستوى الأسعار وفق بيانات نشرها المعهد الوطني للإحصاء. وبلغ حجم المبادلات التجارية التونسية بالأسعار الجارية مع الخارج، خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة الحالية، ما قيمته 1ر23580 مليون دينارا عند التصدير و6ر33526 مليون دينارا عند التوريد مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 3ر23 %على مستوى الصادرات و8ر20% على مستوى الواردات، وذلك بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2017. وسجلت المبادلات التجارية التونسية دون احتساب مواد الطاقة، خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2018، ارتفاعا في الأسعار بنسبة 6ر15%على مستوى الصادرات و4ر19 % على مستوى الواردات، مع العلم أن أسعار مواد الطاقة قد شهدت خلال نفس الفترة ارتفاعا على مستوى الصادرات بنسبة 7ر28% وعلى مستوى الواردات بنسبة 3ر8 %. وارتفعت الصادرات بالاسعار القارة، خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2018، بنسبة 7ر63% في قطاع الفلاحة والصناعات الغذائية مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2017. وفي المقابل، سجلت الصادرات انخفاضا في قطاع المناجم والفسفاط ومشتقاته بنسبة 3ر10% وفي قطاع الطاقة وزيوت التشحيم بنسبة 15%. أما على مستوى الواردات، تبرز نتائج التجارة الخارجية بالأسعار القارة ارتفاعا في قطاع الطاقة وزيوت التشحيم بنسبة 2ر27% وانخفاضا في قطاعات الفلاحة والصناعات الغذائية بنسبة 9ر4% والمناجم والفسفاط ومشتقاته بنسبة 2ر9%. وفي ذات السياق،بلغت نسبة البطالة في صفوف السكان النشيطين بتونس خلال النصف الأول من السنة الحالية 15 فاصل 4 بالمائة وهي النسبة ذاتها لنفس الفترة من سنة 2017 حسب آخر إحصائيات نشرها المعهد الوطني للإحصاء على موقعه اليوم الأربعاء 15 أوت 2018. وتوزّعت نسبة العاطلين عن العمل حسب الجنس إلى 12 فاصل 5 في صف الذكور مقابل 22 فاصل 7 للإناث، بينما بلغت نسبة البطالة في صفوف حاملي الشهادات العليا من الذكور 18 بالمائة (19 بالمائة سنة 2017) مقابل 38 فاصل 7 بالمائة للإناث (39 بالمائة سنة 2017). وحسب آخر إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء فإنّ عدد السكان النشيطين بتونس بلغ سنة 2018 أربعة ملايين و126 ألفا و100 ساكن. من جهته،قال الخبير الاقتصادي الصادق جبنون إن تحقيق نسبة نمو تقدّر ب2.8 في المائة في الثلاثي الثاني في 2018 كانت متوقّعة ومن المنتظر ان تكون نسبة النمو في نهاية العام بين 2.8 و3 في المائة. وأضاف جبنون في تصريح لل"شاهد" أن هذه النسبة تؤكّد أن الاقتصاد التونسي بدأ في التعافي ولكن يجب أن يصل النمو إلى حدود 5 في المائة في القطاعات المنتجة حتى نتاكّد من تجاوز الاقتصاد التونسي للمرحلة الصعبة الذي يمرّ بها. وبيّن جبنون أن هذا النمو متأتّي من القطاع الفلاحي خاصة مع تطوّر انتاج زيت الزيتون والتمور والصيد البحري إضافة إلى تحسّن قطاع الخدمات بنسبة 5.5 في المائة رغم ضعف المداخيل بالعملة الصعبة وكذلك تطوّر قطاع الصناعات مثل مجال الجلود والاحذية مقابل تراجع قطاع البناء في ظلّ الضرائب المفروضة على قطاع العقارات. وأكّد الخبير الاقتصادي أن تعافي الاقتصاد التونسي مرتبط بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تونس في الفترة القادمة.