عاد جدل زواج المسلمة من غير المسلم في تونس إلى تصدر الواجهة من جديد، بعد الضجة الأخيرة التي أثارها رئيس بلدية حلق الوادي فتحي العيوني بمنع أي عقد زواج يجمع تونسية مسلمة بزوج غير مسلم، وهو ما يخالف القانون التونسي، مما أثار استنكار عدد من النخب السياسية والقانونية في تونس. و اتهم سياسيون وحقوقيون رئيس بلدية حلق الوادي بتجاوز القانون وتحدّي الدولة، مبينين أن تونس ألغت كل التشريعات التي كانت تمنع زواج التونسية المسلمة من غير المسلم ولم يعد للعويني أي حُجّة تدعم قراره. جدير بالذكر أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي كان قد أعلن في خطابه يوم 13 أوت 2017 بمناسبة عيد المرأة، أنه طلب من الحكومة سحب الأمر الترتيبي الذي يعود إلى سنة 1973 ويمنع زواج التونسية المسلمة من غير المسلم. وفي تعقيبه على ذلك، أكد أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي، أن قرار رئيس بلدية الكرم يتضمّن تجاوزاً للسلطة وانحرافاً بها ويجب الطعن فيه. و أوضح في هذا الصدد أن الامتناع عن تحرير عقود زواج التونسيات من غير المسلمين، قرار إداري خاطئ، ويجب الطعن فيه لدى المحكمة الإدارية، باعتبارها الهيكل القانوني المخوّل له النظر في القضايا الإدارية. وأشار رابح الخرايفي إلى أن الطّعن في هذا القرار يمكن أن يكون على أساس الفصل السابع من قانون سنة 1972، المتعلّق بالمحكمة الإدارية التونسية. ومن جهتها، قالت النائب عن نداء تونس فاطمة المسدي، إن ما يقوم به العيوني مخالف للقانون، وتحدٍ للقانون التونسي، متحدية إياه أن "يتجرّأ على تنفيذ ما قاله، وسيرى ما هم فاعلون، لأن الدولة ليست مستباحة لأمثاله، مذكرة إياه بأن قانون "الجماعات المحلية" ينص على إمكانية حل المجالس البلدية التونسية في حالة القيام بخطأ جسيم. في المقابل، قال رئيس "جمعية دار الحديث الزيتونية" الشيخ فريد الباجي، إنه لا يمكن للتونسية المسلمة أن تتزوّج من غير المسلم، مهما كان دينه، مؤكداً أن هذا الأمر حُكم واضح من الله ولا يمكن تأويله أبداً. وأضاف أن "الزواج من غير المسلم أمر ورد في نص قرآني صريح، وعليه إجماع، وهو قطعي الثبوت وقطعي الدلالة، وليس من حق أيّ كان أن يجتهد فيه". يشار إلى أن القانون التونسي كان يشدد على وجوب تقديم شهادة تثبت اعتناق الرجل للإسلام؛ للاعتراف بزواج تونسية مسلمة برجل غير مسلم.