غدا تنطلق أفواج الحجيج لتقف في مشعر عرفات, في مشهد عظيم , يباهي به الله عز وجل أهل عرفات بأهل السماء ، متضرعين لله عز وجل أن يتقبل منهم الحج وأن يغفر لهم ذنوبهم في ذلك اليوم العظيم، ثم يشهد الله عز وجل الملائكة بأنه قد غفر لخلقه في يوم عرفة، حيث أنه اليوم الأكثر عتقا من النيران والمغفرة. سُمّي جبل عرفات لأنه بداية تعارف آدم وحواء عقب خروجهما من الجنة حيث كان على جبل عرفة، لذلك سمي ب " عرفة "، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة ويأتي بعد يوم التروية، و ركن الحج الأكبر. ويذكر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث رواه عنه جابر رضي الله عنه :" ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا ، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي، جاؤوني شعثاً غبراً ضاجِّين، جاؤوا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ولم يروا عقابي، فلم يُرَ يوماً أكثر عتقاً من النار، من يوم عرفة". ويتوجه الحاج من مشعر منى ليقف على عرفات ويجمع بين صلاة الظهر والعصر، ثم ينفر من على جبل عرفات مع غروب شمس هذا اليوم ليتوجه إلى مزدلفة ويصلي المغرب والعشاء جمع تأخير . ويُعدّ يوم عرفة من أيام الأشهر الحرم قال الله – عز وجل- : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) , والأشهر الحرم هي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرم ، ورجب. وهو أيضا أحد أيام أشهر الحج لقول الله – عز وجل- : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) , وأحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها في كتابه حين قال سبحانه تعالى في كتابه (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) حيث فسر عبدالله ابن عباس -رضي الله عنهما : الأيام المعلومات : عشر ذي الحجة. . ويُعتبر يوم عرفة من أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها من أيام السنة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما من عمل أزكى عند الله – عز وجل- ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله – عز وجل – , قال ولا الجهاد في سبيل الله – عز وجل – إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) . ويجدر بالذكر أن اللّه أكمل في يوم عرفة الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- : إنّ رجلاً من اليهود قال : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا. قال : أي آية ؟ قال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا ) , قال عمر – رضي الله عنه – : قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة. وقد جاء الفضل في صيام يوم عرفة حين حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على صيامه , فعن هنيدة بن خالد – رضي الله عنه – عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر : أول اثنين من الشهر وخميسين ) صححه الألباني في كتابه صحيح أبي داود. ويعظم الدعاء في يوم عرفه لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"خير الدعاء دعاء يوم عرفة" وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره , كما يكثر فيه العتق من النار لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة".