عام ونيف يفصلنا عن سباق انتخابات 2019 التشريعية والرئاسية، ويبدو أن التحضير لهذه المعركة انطلق منذ الآن؛ بين بروز تحالفات جديدة وخفوت أخرى من جهة، و تصدر الخطابات ذات الطابع الانتخابي الواجهة من جهة أخرى. ولعل ما حدث صلب حزب نداء تونس من تصدّع أنذر بقرب انهياره خلال الفترات الأخيرة ، هو ما دفعه إلى البحث عن خطة أخرى تنقذه من الانحدار نحو الهاوية، قبل حلول الانتخابات القادمة. الخطوة الأولى التي سعى الحزب إلى العمل على تحقيقها كانت استقطاب قدماء قيادات النداء الذين سبق ان استقالوا منه وانخرطوا في مشاريع سياسية جديدة، و لم يتمكن سوى من إعادة القيادي المؤسس للنداء رضا بلحاج بعد أن استقال من حزبه الذي أسسه "تونس أولا". الخطوة الثانية التي قام بها النداء، هي عقد اجتماع لهيئته السياسية أخرجت جملة من القرارات لعل أبرزها التأهب لعقد مؤتمر الحزب الانتخابي الأول في جانفي المقبل، في خطوة لتسطير خطة عمل دقيقة وواضحة للحزب خلال الفترة القادمة، وبالخصوص الفترة ماقبل سباق الانتخابات. الخطوة الأبرز التي لم تكن متوقعة أسابيعا قليلة في ما مضى، هي بعث تحالف برلماني بين كل من كتلتي حزب حركة نداء تونس و الحرة لحركة مشروع تونس، الأمر الذي يفسر عودة المياه إلى مجاريها بين كل من المدير التنفيذي لحزب حركة نداء تونس حافظ قائد السبسي والأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق الذين دامت خصومتهما أكثر من سنتين ونصف سنة ، انشقّ باسمها مرزوق عن "النداء" موجّها آنذاك سلسلة من الاتهامات لحافظ قائد السبسي، بالاستحواذ على الحزب الحاكم في إطار ما أسماه ب"سياسة التوريث". هذا التحالف البرلماني الجديد بين كتلتي النداء والحرة الذي سينطلق في العمل بعد العطلة البرلمانية -اي في سبتمبر القادم- ، خلق تساؤلات حول ما إذا كان نذير عودة الودّ بين المكونين السياسيين مع اقتراب موعد انتخابات 2019. من جانب آخر، فيما يتعلق بالجدل الذي يتصدر واجهة الأحداث خلال الفترة الأخيرة حول مسألة المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة التي حسم رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي فيها و قرر تمرير مبادرة تشريعية بخصوصها إلى البرلمان للتصويت عليها لتصبح قانونا، تتجه جل التوقعات إلى أن إثارة هذا الجدل في هذه الفترة بالذات دليل على بحث السبسي عن توازن جديد في أفق 2019، بعد تشتت حزبه وخسارته الانتخابات البلدية الأخيرة، وانشقاقه بسبب الأزمة مع رئيس الحكومة. ويعتبر السبسي مسألة المساواة في الميراث ورقته الرابحة في سباق انتخابات 2019 ، وهو ما ذهب إليه رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبد الكريم الهاروني، الذي أكد أن "هناك مساعٍ لتوظيف مسألة المساواة في الميراث لكسب سباق 2019". و لفت الهاروني، في هذا الصدد، أن "طرح هذه المسألة هو محاولة لإعادة الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين"، منوها بأن "من يتصادم مع الدستور وهوية الشعب التونسي وثوابت الإسلام لن ينجح في انتخابات 2019". كما أكد أن "المشروع البورقيبي لا يطرح المساواة في الميراث، لأنه مشروع يتناقض مع هوية الدولة التونسية".