إلى كم من جزء يُمكن لِجسَدٍ أن ينقَسم؟ سؤال عَرفنا إجابته من خلال وضع حركة نداء تونس, حزب لم يجتمع متكاملا إلا في مناسبة واحدة وهي الإنتخابات الرّئاسية 2014, ثم بدأت سلسلة الإنقسامات وتحوّل الحزبُ إلى حُزيبات. من المنتظر أن يشهد البرلمان خارطة جيُوسياسيّة جديدة بعد العطلة البرلمانية, عطلة إتخذها النوّاب فرصةً لإعادة ترتيب المشهد, فتمّ الاعلان أولاً عن لَملَمة البيت الدّاخلي لحركة نداء تونس وتجميع المنشقّين لتشكيل جبهة سياسيّة وكتلة برلمانيّة ستكون الأكبر, حسب تعبيرهم, تمثّلت أساسًا في تحالف شقّ السبسي الإبن و مشروع تونس(محسن مرزوق). وجدَّ صباح اليوم, الخميس 23 أوت, إعلان النائب عن الكتلة الوطنية وليد جلاد, عن تشكيل كتلة برلمانية موحدة جديدة قال إنها ستضم ما بين 35 و40 نائبا وأنها ستصبح بذلك القوى البرلمانية الثالثة بمجلس نواب الشعب، مُشددا على أن نداء تونس ليس معنيا بهذه الكتلة باعتبار أنه بصدد التباحث مع كتلة مشروع تونس لتكوين جبهة برلمانية جديدة. ومن المنتظر أن تُساند الكتلة الجديدة رئيس الحكومة يوسف الشاهد, وتتكون الكتلة من نواب عُرفوا بمواقف داعمة ومساندة للحكومة على غرار الكتلة الوطنية والمستقلين من كتلة الحرة ونواب الوطني الحر الذين أصبحوا فجأة من داعمي الحكومة بعد ايام قليلة من رفع قرار تحجير السفر عن رئيس الحزب المستقيل سليم الرياحي. وقد انطلق بعد أيام قليلة من جلسة منح الثقة لويزر الداخلية هشام الفوراتي (28 جويلية 2018)، عدد من النواب على غرار الصحبي بن فرج وليلى الشتاوي وأيضا وليد جلاد للتسويق لأهلية الشاهد لقيادة العائلة الوسطية التقدمية وتجميعها استعدادا لاستحقاقات 2019. وبالعودة الى وليد جلاد، فقد أكد أن الكتلة مع الاستقرار الحكومي ومع ما أسماها ب"المساندة النقدية"، لافتا إلى أن "مصلحة تونس فوق الجميع وأن لكل طرف زاوية نظر". وكشف أن الكتلة البرلمانية الموحدة ستتناقش في ما بينها بعد الاعلان عنها رسميا بخصوص موقفها من تغيير حكومة يوسف الشاهد، موضحا أن الانتماء إلى الكتلة سيكون بشكل فردي وأنها ستضم النواب المُستقيلين من المشروع ومن النداء ونواب الاتحاد الوطني وعديد الكتل الصغيرة. وذكر جلاد أنه سيتم خلال الفترة القادمة وتحديدا قبل السنة البرلمانية الجديدة الإعلان الرسمي عن تشكيل الكتلة الجديدة. ولفت الى أن من بين الأولويات التي ستتبناها الكتلة البرلمانية الموحدة "استكمال المسار الدستوري بانتخاب رئيس للهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى جانب انتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية وإصلاح الصناديق الاجتماعية فضلا عن النظر في كل مشاريع القوانين ذات الصبغة العاجلة". وسط هذه المتغيرات لايمكن لأحد توقع المشهد البرلماني بعد العطلة النيابية, ومن سينجح في تجميع النواب حوله وأي النقاط الخلافية ستطرح أولا, لكن تبقى الكتل المتماسكة مثل كتلة حركة النهضة, عنصرا مطمئنا لضمان استقرار وضع البرلمان و البلاد.