في ظلّ متغيّرات المشهد السياسي المتقلب الذي تعيش على وقعه البلاد، تبدو الرؤية حول خفايا المرحلة القادمة من مستجداتٍ ضبابيةٌ نوعًا ما، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام التأويلات والفرضيات حول الأحداث التي من المتوقع أن تشهدها الساحة السياسية. و في خطوة لحلحلة الأزمة السياسية التي تعيش على وقعها البلاد و لتجميع الفرقاء السياسيين حول المصلحة الوطنية، تتأهب حركة النهضة لطرح مبادرة سياسية جديدة . وقد ادركت حركة النهضة ان وثيقة قرطاج 2 وصلت الى طريق مسدود، لاسيما وقد توقعت النقاشات بشأنها منذ اسابيع مضت بسبب عدم التوصل الى اتفاق بشأن البند ال64 المتعلق بمآل حكومة يوسف الشاهد ، الأمر الذي دفعها الى التأهب للأخذ بزمام الأمور وطرح البديل السياسي الذي قد يساهم في تقريب وجهات النظر وامتصاص الاحتقان الحاصل. وفي خضم هذا الشأن، أكد القيادي وعضو مجلس الشورى لحركة النهضة زبير الشهودي أن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي بصدد بلورة مبادرة جديدة تهدف إلى جمع الفرقاء السياسيين في البلاد، ووضع حد للخلافات المستمرة حول وثيقة قرطاج 2 ومصير حكومة يوسف الشاهد. وأكد الشهودي ان الغنوشي يقوم حاليًا بجهود كبيرة لجمع الفرقاء السياسيين حول مبادرة سياسية تتضمن اتفاقًا ببنود جديدة. وأوضح ، في هذا الصدد، ان ” الاتجاه العام للمبادرة هو تحييد الحكومة، أي أن أعضاءها غير معنيين بانتخابات 2019، من أجل التفرغ للإصلاحات الأساسية والنجاح في إجراء الاستحقاق الانتخابي” ، مشيرًا إلى أن المبادرة تهدف لتشكيل توافق حول النقطة 64 من وثيقة قرطاج 2 المتعلقة في مصير الحكومة، والتي لم يتم التوافق حولها حتى الآن. وأشار الشهودي إلى أن الغنوشي التقى عددًا من الفرقاء السياسيين و”هناك تكتّم على المواقف، إلا أن نداء تونس ما زال مصرًا على موقفه تجاه الشاهد “. وفي السياق ذاته، لفت القيادي في حركة النهضة ورئيس لجنة الطاقة في البرلمان، عامر العريض، الأربعاء، إلى أنه سيتم إعلان تفاصيل الاتفاق من قبل رئيس حركة النهضة “لأنه المعني بهذه المبادرة”، حسب قوله. وقال العريض، في تصريح إذاعي، إن “الحركة تتوقع أن تقود هذه المساعي إلى نتائج، سواء كانت كثيرة أو قليلة، إلا أنها ستحقق نتائج”. ومن جانبه، قال رئيس كتلة حركة النهضة، نور الدين البحيري، إنّه سيتم الإعلان عن المبادرة الجديدة عندما يحين الوقت وتتهيّأ لها الظروف والتفاعل الإيجابي معها ، مبيناً أن “الشغل الشاغل للحركة هو إيصال تونس لبر الأمان، وإنجاح الانتقال الديمقراطي، وتوحيد الصفوف من مجتمع مدني ومنظمات وطنية وأحزاب، وأن تكون النهضة عنصراً للوحدة، بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة، خاصة أنهم ليسوا مع شخص ضد شخص، بل مع المصلحة الوطنية والاستقرار”. وحول إن كانت هذه المبادرة ستكون بالتوازي مع وثيقة قرطاج 2، قال البحيري إن وثيقة قرطاج 2 “هي خيار وطني، حصل حولها إجماع، ووقع اختلاف في نقطة، وكل طاقات الحركة وتفكيرها سيكون حول تعزيز الوحدة الوطنية”، مبينا أنّ “النهضة تريد تفعيل النقاط الواردة في وثيقة قرطاج 2 وتحقيق الوحدة الوطنية، بدل الانقسام والتمسك بخيارات الإصلاح والتعالي عن الحسابات الجهوية والحزبية، من أجل تونس ومن أجل إنجاح التجربة الديمقراطية”. وأكد البحيري أن “الحوار سيكون طريقا للحل ولاحترام الرأي المخالف ولتغليب المصلحة الوطنية”، مشيرا إلى أن “هذا ما أكده رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة في اجتماعهما الأخير”. وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد اكد، اثر لقائه الاخير الذي جمعه برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، أن تونس “لا تزال محتاجة إلى التوافق والأحداث تؤكّد ذلك” . وأضاف: “عملت على أن آخذ من رئيس الجمهوريّة فرصة أخرى لتجديد العمل بالتوافق ولتفعيل هذه المنهجيّة في حلّ مشاكل البلاد"، مشيرًا إلى أنه أكد لقائد السبسي على أهميّة التوافق الذي “أنقذ البلاد والتجربة التونسيّة، وجعل تونس استثناء في الربيع العربي”.