إلى حدود شهر فيفري الفارط كان الإتحاد العام التونسي للشغل يرفض تغيير رئيس الحكومة يوسف الشاهد ويتمسّك بتحوير جزئي يضفي فعالية على الآداء الحكومي وعلى وجه الخصوص يشدّد على ضرورة الإستقرار غير أن مياها كثيرة جرت في الوادي وتغيّر الموقف إلى النقيض تماما ليتحول الإتحاد إلى رأس الحربة مطالبا بتنحية يوسف الشاهد من القصبة في موقف مطابق تماما لموقف حركة نداء تونس حزب رئيس الحكومة نفسه. منذ نحو 6 أشهر يكرّر الإتحاد العام التونسي للشغل على لسان القيادات النقابية تشبثه بمطلب رحيل يوسف الشاهد ويعتبر أن الحكومة فاشلة قبل أن يتطوّر الموقف إلى حدّ إعتبار يوسف الشاهد خطرا على البلاد، موقف كان وراء الفشل بشأن التوصل إلى توافق حول النقطة 64 من “وثيقة قرطاج 2” قبل ثلاثة أشهر ما أدّى إلى تعليق النقاشات حولها من طرف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ولا يزال إتحاد الشغل متشبثا بمطلب رحيل رئيس الحكومة. مطلب إتحاد الشغل فجّر موجة من الغضب ضدّه بين صفوف التونسيين خاصة بعد اقرار مبدأ الإضراب العام قبل أيام،حركة إعتبرها عدد من التونسيين سلاحا ترفعه المركزية النقابية في وجه رئيس الحكومة ويدفع الشعب فاتورة عواقبه إجتماعيا وإقتصاديا وحتى سياسيّا وتتالت التعاليق الغاضبة على شبكات التواصل الإجتماعي إلى درجة أن الصفحة الرسمية للمنظمة الشغيلة طالب منتسبيها بالدفاع عن منظمتهم معتبرة أنها تتعرّض لهجمة. الإتحاد العام التونسي للشغل ليس في صراع مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد وفئات غاضبة من الشعب التونسي فحسب فقد أصبحت مؤشرات الخلافات بينه وبين منظمة الأعراف بارزة للعيان إثر كلمة الأمين العام نور الدين الطبوبي التي لوّح فيها بالإضراب العام. عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية خليل الغرياني إعتبر في تصريح إذاعي أنّ تلويح الاتحاد العام التونسي للشغل بتنفيذ إضراب عام "غير مقبول وأضاف قائلا " الاتحادات وُجدت من أجل الوطن والنضال ضدّ المستعمر وليس ضد الشعب". من جانب آخر شدّد الغرياني على أنّ الإضراب العام تحرّك غير مقبول دوليا، قائلا في هذا الصدد "الإضراب يكون في مؤسسة ما وليس ضدّ كل الشعب"، متسائلا "إضراب ضد شكون؟… ضد الشعب التونسي؟.. ضد الإنتاجية؟.. ضد المجتمع والاستقرار؟". توتّر في الأفق بدأت مؤشراته تظهر للعلن بين الإتحاد العام التونسي للشغل وإتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة لا شكّ أنه لا يخدم المصلحة الوطنية في ظل الأزمة الإقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد والتي تفرض تجاوز الإختلافات بالحوار بعيدا عن التصعيد حفاظا على السلم الإجتماعي، وهو توتّر يجعل المنظمة الشغيلة في قلب الأزمة السياسية الحاصلة في البلاد مؤخّرا بتحوّلها إلى عنصر تأزيم للوضع عكس أدوارها المفترضة.