عندما يكون المصاب وطنًا, يُصبح الحياد جريمة, فلا يمكن أن تلتزم الحياد أمام شعب سُلب أرضه ورزقه, وهتك عرضه, ودُفِعَ به إلى مجاعة قاتلة, والسّبب ظلم ذوي القربى. فمنذ تدخّل القوات العسكرية بقيادة التّحالف السّعودي الإماراتي, قبل ثلاث سنوات, يجد اليمن نفسه اليوم, من الحضارة إلى خطر الانهيار, الحرب الأهلية والخصومات الجيوسياسية تسيطر على المشهد في بلد تهدده المجاعة, وليس هناك بوادر لنهاية هذا السيناريو. إتّهمت منظمة “أنقذوا الأطفال” الدّولية جميع أطراف الصّراع في اليمن بدفع البلاد إلى حافة المجاعة, فيما طالبت الأممالمتحدة بمحاسبة المسؤولين عن الضربات التي أودت بحياة المدنيين. وفي تقرير جديد, قالت المنظمة الحقوقية إن جميع الأطراف, بما فيها التحالف السعودي الإماراتي, تتحمل المسؤولية إزاء خطر الجوع الذي يهدد اليمنيين. وطالبت “أنقذوا الأطفال” في تقرير بمحاسبة المسؤولين عن منع الغذاء والدواء عن الأطفال، ونبهت إلى احتمال وفاة أكثر من نصف مليون طفل في مناطق النزاع بسبب الجوع الشديد قبل نهاية السنة الجارية, وقالت إنّ من المخجل إستخدام المجاعة سلاحا في الحروب. وفي وقت سابق, قالت منظّمة “اليونيسيف” إنّ اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم, وينحدر بشكل مطرد نحو المجاعة. وكانت الأمم المتّحدة أعلنت في شهر ماي الماضي أنّ اليمن يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم. وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك إنّ النّزاع في اليمن يشهد تزايدا في القيود على العمل الإنساني مع وجود 22 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة, وأكّد أن خطر المجاعة يهدّد نحو 8.5 ملايين. وفي سياق متصل, دعت مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشلي التحالف السعودي الإماراتي لإظهار شفافية أكبر في قواعد الإشتباك التي يتّبعها في اليمن, ومعاقبة المسؤولين عن الضّربات التي أودت بحياة مدنيين هناك. وجاءت دعوة باشلي اليوم في أول خطاب لها بمجلس حقوق الإنسان منذ توليها منصبها خلفا لزيد بن رعد. وكانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أصدرت نهاية أوت الماضي تقريرا بشأن جرائم حرب في اليمن, ترتكبها القوّات السّعودية والإماراتيّة وأفراد من الحكومة اليمنية و”سلطات الأمر الواقع” في إشارة إلى جماعة الحوثيين المسيطرة على السلطة في صنعاء والعديد من المحافظات اليمنية. وكشف تقرير مفوضية حقوق الإنسان أنّ معظم ضحايا غارات التّحالف الإماراتي السعودي كانوا مدنيين, وقدر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عدد القتلى المدنيين في اليمن منذ مارس 2015 (تاريخ بدء التدخل العسكري للتحالف) ب6660 قتيلا. وذكر التقرير الأممي أيضا ضباطا إماراتيين اغتصبوا العديد من المعتقلين في اليمن, وإرتكبوا أعمال عنف جنسي بأدوات مختلفة, كما أشار إلى إرتكاب تجاوزات بحق بعض المعتقلين في مراكز الاحتجاز.