تتجه بوصلة المشرع التونسي في السنوات الاخيرة صوب تعديل منظومة حقوق الانسان في البلاد ، من خلال سن تشريعات تولي عناية بالاقليات المضطهدة على غرار أصحاب البشرة السوداء و الافارقة القاطنين بتونس. و بتاريخ 9 أكتوبر 2018، صادق البرلمان على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على جميع أنواع التمييز العنصريّ، لتكون تونس بذلك أول بلع عربي و اسلامي يصادق على قانون مناهض للعنصرية. وتضمن القانون عقوبات مشددة تصل إلى السجن في حق من يُدلي بكلام عنصري على أساس اللون أو الجنس أو الدين، وتصل العقوبة الى السجن بين شهرين وسنة. ويهدف القانون إلى «القضاء على أشكال التمييز العنصري ومظاهره حماية لكرامة الذات البشرية، وتحقيقاً للمساواة بين الأفراد في التمتع بالحقوق وأداء الواجبات وفقاً لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها من الجمهورية التونسية»، وفق نص القانون المصادق عليه ب 125 صوتاً من أصل 217 في مقابل اعتراض صوت واحد وامتناع خمسة نواب عن التصويت. وتنص فصول القانون أيضاً على عقوبة بالسجن من عام الى ثلاثة أعوام، وبغرامة مالية من ألف إلى ثلاثة آلاف دينار (1060 دولار)، لكل من يحرض على العنف والكراهية والتفرقة والتمييز العنصري، وكل من ينشر أفكاراً قائمة على التمييز العنصري، أو تكوين مجموعة أو تنظيم يؤيد بصفة واضحة ومتكررة التمييز العنصري أو الانتماء إليه أو المشاركة فيه. ويلزم القانون الدولة التونسية بضبط السياسات والاستراتيجيات وخطط العمل الكفيلة بالوقاية من جميع ممارسات التمييز العنصري في جميع القطاعات، ووضع برامج للتحسيس والتوعية والتكوين، علاوة على تمكين ضحايا التمييز من الحق في الإحاطة الصحية والنفسية والاجتماعية والحماية القانونية والحصول على التعويض العادل. وثمّن النواب خلال مداخلاتهم قانون القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الذي اعتبروه مكسبا ينضاف لبقية المكاسب التشريعية، وتتويجا لمسار نضالي قاده المجتمع المدني طيلة سنوات. وفي تصريح ل"الشاهد" ، أكدت النائبة جميلة الكسيكسي أنّ هذا القانون يعتبر نقلة تاريخية في منظومتنا التشريعية وهو ثاني أكبر حدث في تاريخ تونس بعد إلغاء العبودية في تونس في سنة 1846، وفق تعبيرها. وأضافت الكسيكسي وهي نائبة عن حركة النهضة و رئيسة المجموعة النسائية بالبرلمان الافريقي أن الترسانة التشريعية تعززت اليوم في تونس بهذا القانون والذي يعتبر رائدا في الدول العربية والإسلامية بجعل تونس في صدارة الأمم التي تناضل من اجل دعم حقوق الإنسان مؤكدة أن هذا ينم عن فكر واضح يدفع نحو الحد من هذه الظاهرة. وقال رئيس لجنة الحقوق والحريات في البرلمان نوفل الجمالي: ” إنّّ هذا القانون يُعتبر نقلة نوعية في تونس، ومكسباً إضافياً مهماً لتعزيز ما جاء به دستور الجمهورية الثانية”، مضيفاً أن ثراء هذا القانون يعود إلى الصياغة التي تمت بالمشاركة بين البرلمان والحكومة والهيئات الدستورية المستقلة والمجتمع المدني. يشارُ الى ان ملف التمييز العنصري في تونس لم يتم التطرق اليه قبل الثورة و كان من الملفات المسكوت عنها ، الا ان صيحات الفزع التي أطلقها اصحاب البشرة السوداء و خصوصا منهم الطلبة الأفارقة الذين تحدثوا عن قضيتهم في الوسائل الاعلامية ، أكد وجود اضطهاد عنصري بحقهم في تونس، في المقابل ، يرى البعض الآخر أنّه بالرغم من أنّ تونس تعتبر سباقة في إلغاء الرق منذ عام 1846 ونشر المساواة، إلّا أنّها ما زالت تشهد حتى اليوم حالات من التمييز العنصري تجاه أصحاب البشرة السوداء. وظلت هذه الظاهرة راسخة في سلوكيات بعض الأفراد.