تحوّلت المنابر الاعلاميّة مساء أمس إلى منصّة لمهرجان خطابي على اثر اعلان رئيس الحكومة يوسف الشّاهد عن التّحوير الوزاري الذي كان مرتقبا ومنتظرا منذ 6 أشهر، لكنّ ملامح تقسيمات السّاحة السياسيّة من حيث الدّعم والمعارضة، لم تتغيّر كثيرا في ردود أفعالها وتصريحاتها، فالنّداء كان معارضا منذ البداية لكلّ سياسات الشّاهد والجبهة الشّعبية لم تدعم أيّ حكومة منذ الثورة. لكنّ موقف رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السّبسي الذي جاء على لسان النّاطقة الرسميّة سعيدة قراش، التي عبّرت عن رفض الباجي لطريقة الشّاهد في التعامل مع ملفّ التحوير، حيث لم يتمّ استشارة الباجي في الأمر، وقد أكّد قراش أنّ الباجي علم بالتحوير الوزاري عبر وسائل الاعلام. بن تيشه أيضا، مستشار رئيس الجمهوريّة، أكّد أنّ الشّاهد في لقائه مع الباجي صباح أمس، طرح موضوع التحوير الوزاري للاعلام لا للاستشارة، وأضاف أنّ قائمة أسماء الوزارات التي قُدّمت للباجي ليست التي تمّ الاعلان عنها، وأنّ الباجي سيتّخذ الاجراءات اللازمة في الساعات القادمة. وقد تضارب موقف الاتّحاد العام التونسي للشغل في هذا الشّأن، حيث صرّح ل”الشاهد” بوعلي المباركي، أنّ التحوير الوزاري من مهام رئيس الحكومة والأحزاب الحاكمة وأضاف أنّ الاتحاد غير معني بهذا الملف، باعتباره منظّمة شغيلة تعنى بمطالب العمّال. في المقابل، علّق نور الدين الطبوبي، أنّه لم يتم استشارة الاتّحاد وأنّه علم عبر وسائل الاعلام، وقال: “تونس لا تستحق مايحدث.. تستحقّ أفضل من هذا” وأضاف “كلّ حد يتحمّل مسؤوليّة خياراته وأي مسؤول مطالب بالنتيجة”. في السياق ذاته، موقف نداء تونس كان منتظرا ومتوقعا، فقد صرّح القيادي بالنّداء منجي الحرباوي، أنّ “التحوير الوزاري الذي أعلنه الشّاهد يجعل من الحكومة حكومة النّهضة ولفائدتها”، وأضاف أنّ “التحوير الوزاري يمثّل انقلابا على المسار الديمقراطي وتهديدا له”!! وهذا مايعني تمسّك النّداء بالتحوّل من حزب حاكم إلى حزب معارض آليا بعد انسحابه من المشاورات وتجميد عضويّة رئيس الحكومة. اذن بعد ما أثاره التحوير الوزاري من ضجّة داخل قصر قرطاج وبعض الأحزاب، فإنّ الأمر يطرح سؤالا ملحّا، هل تجاوز الشّاهد صلاحيّاته الدستوريّة بتشكيله فريقه الحكومي؟ قانونيا، رئيس الحكومة يقوم بتشكيل حكومته ومن صلاحيّاته اجراء التغييرات اللازمة كالاقالة والتّحوير والغاء وزارة واضافة أخرى، ويتشاور في ذلك مع الأحزاب الدّاعمة له والأحزاب المعنيّة بالأمر ورئيس الجمهوريّة، لكنّ العادة جرت بقيام رئيس الجمهوريّة بدور رئيس الحكومة في مثل هذه المحطّات، وهذا ما شهدناه مع حكومة الصيد وحكومتي الشاهد الماضيتين، حيث كان الباجي يقوم بتشكيل الحكومة واختيار فريق وفق تحالفاته وحساباته، وهو ماجعل قصر قرطاج مركز قوّة. وباستعادة الشّاهد لصلاحيّات القصبة ودوره كرئيس حكومة، تغيّر المشهد السياسي من تحالف ثنائي بين أشخاص إلى تحالفات كبرى بين المؤسّسات وهو مايجعل الأمر أكثر وضوحا، وقد وصف محلّلون هذا التحوير بمثابة روح جديدة واستراتيجيّة حكم ستنقل تونس سياسيا من الأزمة إلى الانفراج.