تضرّر عدد كبير من الأحزاب السياسية في تونس من ظاهرة السياحة الحزبية والبرلمانية التي غيّرت المشهد السياسي التونسي في وقت وجيز. وقد تعوّد بعض النواب الانتقال من حزب إلى آخر، ومن كتلة إلى أخرى. وأعزى المتابعون للشأن السياسي هذه الظاهرة إلى انعدام المرجعيات الفكرية المشتركة وإلى اختلاف البرامج والمبادئ بين أعضاء الحزب الواحد أو الكتلة الواحدة. وقدم عدد من النواب بمجلس نواب الشعب مقترحين لتعديل مشروع القانون الانتخابي لمنع السياحة الحزبية البرلمانية والبلدية. وقد نص مقترح التعديل، وفق الوثيقة التي تحصلنا عليها، على إضافة مطة جديدة في الفصل 34 تنص على “يفقد العضو المنتخب آليا عضويته في الهيكل المنتخب إذا استقال من الحزب أو من الحركة أو الائتلاف الذي ترشح ضمن قائمته أو كذلك عند الاستقالة من الكتلة النيابية للحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ينتمي إليه”. وينص الاقتراح الثاني على إضافة فصل جديد في مشروع القانون المذكور ينص على “علاوة على الحالات الواردة بالفصل 34 من هذا القانون يعد شغورا نهائيا كذلك إذا استقال العضو المنتخب من الحزب أو الحركة أو الائتلاف الدي ترشح ضمن قائمته أو كذلك عند الاستقالة من الكتلة النيابية للحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ينتمي اليه". وقد أمضى على مقترحي التعديل جملة من النواب من بينهم النائب محمد الفاضل بن عمران ومنجي الحرباوي واحمد الخصخوصي وعدنان الحاجي ومحمد الحامدي وريم محجوب. ومن جانبه اعتبر رئيس المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية والقيادي بحركة نداء تونس ناجي جلول أنه لا يمكن منع أي كان من الانتقال من حزب إلى حزب آخر باعتبار أنها حريّة شخصيّة لكن السياحة البرلمانية شيء آخر. وأضاف جلول في تصريح لموقع “الشاهد” أن المواطن التونسي يصوّت لنائب بناء على برنامج حزب ولم يتم انتخاب النواب كأشخاص وبانتقالهم من حزب إلى آخر يصبح عدم احترام للناخب وتحيلا على صوته. وأشار رئيس المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية إلى أن السياحة البرلمانية تنم على الهشاشة الفكرية والعقائدية والنظرية والسياسية للمنخرطين في الأحزاب الشيء الذي يخلق مثل هذا النوع من السياحة. واعتبر المتحدّث أنه من المفروض على كل من استقال من كتلته أن يستقيل نهائيا ويترك مكانه، معتبرا أنه ليس من حق النائب أو الوزير أن ينتقل من حزب إلى آخر وأن المسالة أخلاقية بالأساس. وكان المحلل السياسي فتحي الزغل قد اعتبر في تصريح للشاهد أن السياحة الحزبية في تقديره خيانة للأمانة الانتخابية والسياسية للنّاخب الذي اختار من يمثّله على أساس برنامج أو برامج قد أعلن عنها السائح قبل انتخابه لينتخبه هو دون غيره، قبل أن يتنصّل من ذلك العقد السياسي الانتخابي الصامت ويتنقّل إلى حزب آخر أو إلى كتلة أخرى قد تكون بلا برامج معلنة أو ببرامج قد لا تكون موضع اختيار النائب يوم الاقتراع، بل لم تكن موجودة في الخارطة الحزبيّة السياسيّة. وأكد الزغل أن السياحة الحزبيّة هي سوق بامتياز، وفق تعبيره. وللتذكير فان كتلة نداء تونس من بين اكبر المتضررين من ظاهرة السياحة البرلمانية حيث فقدت 45 نائبا لتصبح بذلك الكتلة الثالثة في ترتيب الكتل. كما تضررت أيضا كتلة آفاق تونس، حيث انسحب جميع أعضائها ليتم إثر ذلك حلّها. وقد توجه جلّ المستقيلين إلى الكتلة الجديدة كتلة الاتلاف الوطني