مضت خمس سنوات على المصادقة على دستور 2014 ولم يتم خلال هذه الفترة الطويلة تفعيل اهم استحقاق دستوري وهو ارساء المحكمة الدستورية والتي تمثل الهيئة القضائية المستقلة وبالتالي فان المؤسس التونسي اخذ شكل الرقابة المركزية وهو النموذج المتبع في معظم الدول الأوروبية وهو تعيين هيئة متفرغة تكون هيئة الدولة الوحيدة التي تتمتع بسلطة إتخاذ قرارات رسمية بشأن دستورية القوانين. ولقد تم افراد المحكمة الدستورية بصلوحية مراقبة دستورية مشاريع القوانين التي تعرض عليها من قبل رئيس الجمهورية التونسية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نواب الشعب ومشاريع القوانين الدستورية التي يعرضها عليها رئيس مجلس نواب الشعب والمعاهدات التي يعرضها عليها رئيس الجمهورية والقوانين التي تحيلها عليها المحاكم وكذلك النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي يعرضه عليها رئيس البرلمان. وقد أفرد المشرّع المحكمة في الفصل 68 من القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 3 ديسمبر 2015 والمتعلّق بالمحكمة الدستورية إمكانية اصدار قرار يقضي بعزل رئيس الجمهورية في صورة ثبوت إدانته وتعلم به فورا رئيس مجلس نواب الشعب، فهل هذا هو السبب في تعطيل تركيزها؟ ويثير تعطيل ارساء المحكمة الدستورية العديد من التساؤلات خاصّة بعد اجماع نواب البرلمان على اهمية ارساءها وعجزهم في الان نفسه على التوافق لاختيار اعضاءها، ويفسّر الفشل المتواصل في ارساء المحكمة بسعي بعض الأطراف الى تحقيق اهداف ومآرب سياسية من خلال تعطيلها نظرا للصلوحيات الموكولة اليها وأبرزها امكانية عزل رئيس الجمهورية اذا اقتضى الامر ذلك. وللتذكير فان أطوار تعطّل إرساء المحكمة الدستوريّة تعود إلى شهر مارس 2018 حيث تم يوم 14 من نفس الشهر انتخاب روضة الورسيغني ب 150 صوتا لتكون بذلك العضوة الوحيدة المنتخبة من قبل نوّاب الشعب بعد أن تم الالتفاف على التوافق الممضى بين رؤساء الكتل حول انتخاب 4 أعضاء، وتبعا لذلك تم إعادة فتح باب الترشحات من جديد بعد إجراء ثلاث دورات متتالية تزامنا مع ارجاء لجنة التشريع العام النظر في مقترح تشريعي لتنقيح القانون الأساسي عدد 50 المتعلق بالمحكمة الدستورية. وكان رئيس الجمهورية قد دعا بمناسبة السنة الإدارية الجديدة 2019 إلى إتمام المحكمة الدستورية وهيئة الإنتخابات من أجل توفير المناخ الملائم للانتخابات القادمة وحتى تتم في ظروف طيبة، قائلا “اتمام المحكمة الدستورية قضية أساسية وكان من المفروض إتمامها قبل 4 سنوات لذلك وجب إنهاءها قبل المدة النيابية الحالية”.