تواترت الأحداث سريعًا بالمشهد السياسي المحلّي منبئة برؤية مستقبلية جديدة قد تعيد خلط الأوراق من جديد بعد كميّة المتغيرات التي شهدتها الساحة السياسية إثر الانتخابات البلدية، من ذلك إنهاء التوافق بين حزبي النهضة والنداء سبتمبر الماضي بعد 5 سنواتٍ من الحكم المشترك. وتعدّدت الأسباب والروايات حول القطيعة بين الطرفين، لكن تُرجّح تخمينات كثيرة أن السبب الرئيسي في إنهاء العلاقة آنذاك هو عودة رضا بلحاج إلى نداء تونس الذي عُرف بمناهضته لسياسة التّوافق مع النهضة. ولا يمكن إنكارُ أنّ قرار رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي القاضي بفكّ الإرتباط رسميّا مع حليفه في الحكم وإنهاء ما يقارب الخمس سنوات من مرحلة التوافق جاء بعد نحو شهرين من عودة بلحاج إلى النداء، ولا يستبعد مراقبون إمكانية عودة الحزبين إلى هذا الوفاق بعد مغادرة بلحاج في ظلّ ما ورد عن لقاءات تجري في لفترة الحاليّة بين الطرفين. وكشف القيادي في حركة النهضة والوزير السابق، عبداللطيف المكي، عن وجود لقاءات بين الرئيس السبسي، ورئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، واصفًا هذه اللقاءات “بغير المعلنة “. واوضح المكي لدى حضوره في برنامج “كلام في السياسة” على الاذاعة الوطنية شهر جانفي الماضي، أن اللقاء جاء في اطار ما وصفه ب”التذاكر” وبضرورة استمرار التعاون، قائلا “ليس هناك أي قرار اثر اللقاء بقدر ما هو صيانة للعلاقة السابقة”. كما كشف المكيّ عن وجود لقاءات مكثفة مع نواب حزب حركة نداء تونس بانتظار أن يعقد النداء مؤتمره وتكون له قيادة سياسية واضحة، على حد تعبيره. و يتحدّثُ مُراقبون عن تغيرات كثيرة قد تعتري المشهد السياسي في البلاد، مع سعي جلّ الأحزب لإعادة هيكلة نفسها والبحث عن توليفة تنظيمية تجعلها قادرة على الدّخول في المُنافسة القادمة و إستعادة ثقلها السياسي. ويشهدُ نداء تونسفي الفترة الأخيرة أحداث متتالية و مثيرة تحملُ في طياتها تأثيرات غير معلومة قد تؤثّرعلى تموقع الحزب و موقفه من محيطه السياسي والحزبي، و من بين هذه المتغيرات إقالة رضا بلحاج من نداء تونس بعد 7 أشهر من عودته إلى الحزب. و قرّر نداء تونس الخميس الماضي تجميد عضوية رضا بلحاج ونشاطه صلب الحزب وهياكله وإحالة ملفه على أنظار لجنة النظام بالحزب لتقرر في شأنه ما تراه مناسبا. وردًّا على قرار تجميد عضويته، قال القيادي بنداء تونس رضا بلحاج في تدوينة على حسابه الرسمي بموقع فايسبوك إن قرار تجميده لا قيمة قانونية له وصدر عن هيئة وصفها ب”غير الشرعية”. في المقابل، اعتبر القيادي بالنداء عبد الرؤوف الخماسي أن رضا بلحاج حاول بعد عودته للنداء أن ينقضّ على الحزب، ولكنه فشل، كما أنه حاول تحويل نداء تونس إلى حزب يساري. و لا يخفي رضا بلحاج في تصريحاته للصحف المحلية و العربية عداءه الواضح لحركة النهضة الذي جعله وفي أكثر من مناسبة يتّخذ مواقف هجومية ، حيث كان وراء إتّهامها بتنظيم انقلاب على رئيس الجمهورية كما كان الرّأس المدبّر لفكرة السترات الحمراء وهو كشفته صوره مع صاحب الحملة نجيب الدزيري كا يُتّهم رضا بلحاج بمواقفه المتطرّفة و الإقصائيّة حيث كان من أبرز الداعين إلى إقصاء النهضة من المشهد السياسي، فهل يساهمُ إبعاد رضا بلحاج واحد مُنظّري فك الارتباط بين النهضة والنداء في قلب المشهد السياسي وبرُوز أحداثٍ جديدة؟