يعيش نداء تونس منذ تولّيه زمام الحكم سنة 2015، معركة حقيقة، ليس على مستوى إقناع المكوّنات الأساسية للحزب بالعودة إلى النداء، بل بسبب القيادة الحالية للحزب، والتي باتت تمثل إشكالا حزبيّة وأيضًا وطنيّا. ويُتّهم الرئيس الشرفي لنداء تونس ورئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بمحاولة فرض ابنه حافظ قايد السبسي كخليفة له في قيادة حزب نداء تونس وربّما في الجلوس بقصر قرطاج، يومًا ما. ومنذ 2015 إلى يومنا هذا عرف الحزب تفكّكا داخليّا على مستوى القيادة والكتل البرلمانية، بسبب ما اعتبره المنشقون عن الحزب تفرّد السبسي الابن بالرأي. ويتّفق جلّ المغادرين للنداء على أنّ حافظ قايد السبسي هو الشخصية الرئيسة التي تقف وراء كل الأزمات التي يشهدها الحزب منذ تأسيسه، حيث يعمدُ السبسي الابن والمدير التنفيذي للحزب إلى اتخاذ القرارات الفردية وفرضها على الحزب دون استشارة أعضاء المجلس التنفيذي، ما جعله يُلقّب إعلاميّا ب”مولى الباتيندة”. واعتبر الإعلامي زياد الهاني في حوار على قناة الزيتونة ان تونس بليت بمصيبة كبرى بعد سنة 2014 هو مدير الهيئة السياسية لنداء تونس حافظ قائد السبسي. وأضاف زياد الهاني “هذه المصيبة تسببت في استقالة رئيس الحكومة الحبيب الصيد وهي اليوم تثير المشاكل وأضرت بمستقبل ومكانة نداء تونس وتعرقل حكومة الشاهد. وهو ما أدّى إلى مغادرة عدد من القيادات لسفينة النداء في فترة صعبة و قبل أشهر من انتخابات 2019 ما يجعله من الأحزاب التي قد تستفيد من تأجيل الانتخابات لاسترداد أمجاده الضائعة. وتعرّض حزب نداء تونس لأكثر من أزمة بسبب صدام بين حافظ قايد السبسي وبقية قيادات النداء، حيثُ غادر الأمين العام السابق للنداء محسن مرزوق الحزب رفقة العشرات من القيادات الندائية سنة 2015 بحجّة تفرد حافظ بالرأي وغياب الديمقراطية في الحزب، وتواصلت منذ ذلك أزمات النداء بسبب مديره التنفيذي متسبّبة في انشقاقه وإضعافه. وعلّق الناشط السياسي الهاشمي الحذيري، في حوار على قناة الحوار التونسي، على أزمة نداء تونس قائلا إنّ “بورقيبة عندما خير بين تونس وابنه اختار الدولة واليوم الباجي قايد السبسي يجب أن يحسم قراره”، وأضاف قائلا: “اعتبر الباجي قايد السبسي هو الوحيد الذي بيده الحل والربط في النداء”. في المقابل، يردّ الباجي قايد السبسي على خيار إبعاد ابنه من الحزب، بالقول “لا أعتقد أن إبعاد المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ قائد السبسي من النداء هو الحل الذي سينهي مشاكل الحزب”. وأضاف الباجي في لقاء خاص بالوفد الصحفي التونسي المرافق له إلى القمة العربية الأوروبية بشرم الشيخ والدورة 40 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، إن” من يتّهم أعضاء حزب نداء تونس الآن بإثارة المشاكل وتفكيكه هم أنفسهم من بدؤوا في إثارة المشاكل، قائلا “من أسسوا تحيا تونس الآن كلهم كانوا ينتمون لنداء تونس وفرضية عودتهم الى الحزب ممكنة”. ويأتي تصريح الباجحي قايد السبسي بعد دعوات من داخل حزبه إلى التدخل، وإبعاد نجله من الصفوف الأولى فيه بما يمكن من عودة القيادات “التأسيسية” إلى الحزب. حالة الطوفان التي يعشيها نداء تونس عمّقت في الواقع من أزماته الداخلية و شوشت خياراته المستقبلية وهو ما يجعله ربّما من الأحزاب التي لن تكون مرتاحة إن حافظت الانتخابات التشريعية و الرئاسية على موعدها المُنتظر.