أثار منع بث برنامج الحقائق الأربع حول حادثة وفاة الرضع في مستشفى وسيلة بورقيبة، جدلا، خاصّة بعد بروز مؤشّرات تعكس محاولات للتغطية على الموضوع وتحويل وجهته، وأصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس قرار يقضي بعدم بث البرنامج المذكور بتعلّة أن ذلك قد يمس من سلامة سير البحث ويتعارض مع مبادئ سرية التحقيق الجنائي ويعدّ تدخلا في سير العدالة وخرقا لأحكام الفصل 109 من الدستور الذي ينصّ على أنّه يحجّر كلّ تدخّل في سير القضاء، وبإمكاننا أن نتفهم موقف القضاء من هذا الموضوع ومنع النشر فيه لكونه قيد التحقيق، ولكن ألا ينطبق ذلك أيضا على ملف الجهاز السري، الذي شغل كل وسائل الإعلام، ناهيك عن أن هيئة الدفاع عن الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد، لم تترك منبرا إعلاميا أو وسيلة صحفية إلا وتحدثت فيها عن موضوع الجهاز السري رغم أن الملف بأكمله تحت أنظار القضاء، لما لم تصدر قرارات بمنع نشر معطيات حول ملف الأطفال الرضع رغم ان القضية لم يمرّ عليها أسبوع، مقابل سكوت مريب امام ما تفعله منذ أشهر هيئة بلعيد من انتهاكات لحرمة القضاء ومساس بمجريات التّحقيق؟ منذ أشهر وبصفة شبه يومية، لم تترك هيئة الدفاع عن الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد منبرًا إعلاميّا، إلا وتحدثت فيه عن ادعاءاتها بشأن الغرفة السوداء وملف الجهاز السري، وحولت الهيئة المنابر الإعلامية إلى محاكم ومجالس قضائية رغم أن الموضوع من المفترض أن يكون محجّرا إعلاميا لكونه تحت التحقيق، بل أكثر من ذلك حيث قامت هيئة الدفاع بتوزيع ملفات قضائية على العموم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، والخوض في مسائل من المفترض أنها من مشمولات القضاء، ولكن تواصل هيئة الدفاع ادعاءاتها وتحركاتها دون حسيب أو رقيب، والغريب أن الأمر ومقاربات المعالجة الإعلامية اختلفت مع فاجعة الأطفال الرضع، حيث صدرت القرارات سريعة بعدم الخوض في الموضوع رغم نقاط الاستفهامات الكثيرة المحيطة بهذا الملف والرغبة الواضحة في تغييبه أو تغيير وجهته، وهو ما ظهر حين تم تعيين ابنة صاحبة شركة “صوتيديس ميدكال” المختصة في الادوية والمستلزمات الصحية ضمن تركيبة لجنة التحقيق في ملف وفاة الرضّع ، قبل أن يتم فضح الأمر من قبل منظمة أنا يقظ. وقد أصدر قاضي التحقيق بالمكتب العاشر بالمحكمة الابتدائيّة بتونس أمس الخميس قرارين، الأول يقضي بمنع البرنامج التلفزي “الحقائق الأربعة” على القناة الخاصة الحوارالتونسي في فقرته المتعلّقة بوقائع قضية وفاة مجموعة من الأطفال الرضع بمركز التوليد وطب الرضيع بتونس والقرار القضائي الثاني يقضي بمنع إعادة بث الفقرة المتعلقة بهذه القضيّة من برنامج 50/50 الذي يبث على القناة الخاصة "قرطاج+" . وجاء في نص قراري المنع أن التناول الإعلامي لقضية لا تزال في طور التحقيق دون ترخيص مسبق في الغرض من شأنه أن يمسّ من سلامة سير البحث ويتعارض مع مبادئ سرية التحقيق الجنائي ويعدّ تدخلا في سير العدالة وخرقا لأحكام الفصل 109 من الدستور الذي ينصّ على أنّه يحجّر كلّ تدخّل في سير القضاء. وتضمن التقرير الذي كان من المقرر بثه في حلقة مساء الخميس، وفق البلومي، معطيات جديدة حول الفاجعة تتعلق أساسا “بسر الغرفة البيضاء” التي يتم فيها إعداد المستحضر الغذائي للرضع. وكان مركز التوليد وطب الرضيع في مستشفى الرابطة بالعاصمة شهد 11حالة وفاة بين الرضع المقيمين به خلال يومي الخميس 7 والجمعة 8 مارس الجارين وشهد العدد ارتفاعا يوم أمس الأربعاء ليصبح 15 رضيعا. وقال سفيان السليطي، الناطق الرسمي باسم النيابة العامة في تونس، في تصريحات للصحفيين، يوم الأربعاء 13 مارس، إن حصيلة وفيات الرضع داخل مركز التوليد وطب الرضيع بمستشفى الرابطة بتونس العاصمة، قد ارتفعت إلى 15 رضيعا