تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية، وبدعم من الإدارة العامة للمؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية، ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، احتضن موقع أوذنة الأثري ليلة السبت 2 أوت 2025 عرضًا استثنائيًا للفنان وليد التونسي، بعد فترة غياب، وذلك ضمن فعاليات المهرجان الدولي للفنون الشعبية في دورته الحالية. وقد قدّم الحفل الإعلامي القدير عبدالرزاق الشابي، الذي أضفى على السهرة أجواء مفعمة بالحيوية والحرفية، وأسهم في تأجيج الحماس الجماهيري منذ اللحظات الأولى. كما شهد العرض حضور عدد من الشخصيات الإعلامية من الإذاعة الوطنية وإذاعة موزاييك أف أم، إلى جانب نقيب الفنانين التونسييين السيد ماهر الهمامي، و السيد مهذب القرفي المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بولاية بن عروس، وعدد من إطارات وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، ما عكس القيمة الاعتبارية لهذا الحدث الفني وأهميته على الساحة الثقافية. عند الساعة العاشرة ليلاً، اهتزّ المسرح الدائري على وقع التصفيق والزغاريد، إذ استُقبل الفنان وليد التونسي بحفاوة استثنائية جسّدت عمق العلاقة التي تربطه بجمهوره، خاصة بعد الغياب الذي فرضته ظروفه الصحية. لحظة صعوده على الركح كانت مؤثّرة بامتياز، حيث امتزجت مشاعر الشوق بالفرح، وتحوّلت السهرة إلى لقاء وجداني صادق بين الفنان ومحبيه. قدّم وليد اغنية "Merci"من البومه الأخير "في الدنيا مازال الخير"، إلى جانب مجموعة من أشهر أعماله التي رافقت مسيرته الفنية، مثل: "كل يوم حبّك يزيد", "دلولة حياتي", "تسألني قداش نحبك", "مالك روحي", "يا أمي"، و*"يا غايب عالعين"*. وقد شكّل الجمهور عنصرًا أساسيًا في العرض، إذ لم يتردّد في ترديد الأغاني بحماس، والرقص على إيقاعاتها، والتصفيق بحرارة، في تفاعل جسّد عمق الانتماء لهذا اللون من الغناء الشعبي. تميّز الفنان وليد التونسي بتواصل مباشر وانسيابي مع الجمهور، متنقّلاً بخفة بين زوايا الركح، مستثمرًا هندسة المسرح الدائرية لتحقيق أقصى درجات القرب من الحضور. وقد أظهر براعة فنية في التنقل العاطفي والإيقاعي بين الأغاني، ما جعل السهرة متوازنة ومتصاعدة في نسقها دون لحظات فتور. وساهمت جمالية الموقع الأثري بأوذنة، بمسرحه الدائري الفريد المنفتح على الطبيعة، في تعزيز البُعد الرمزي والجمالي للعرض، حيث بدت السهرة وكأنها امتدادٌ لتاريخٍ ممتدّ، تتعانق فيه الأصوات الحية مع حجارة الزمن العتيق، في مشهد فنيّ قلّ نظيره. وتأتي هذه السهرة في إطار دورةٍ فنيةٍ مخصّصة لإبراز أهمية الفن الشعبي كمكوّن مركزي من الهوية التونسية، في سياق ثقافي يراهن على إعادة إحياء الذاكرة الموسيقية للجمهور. وتُعدّ سهرة الفنان نور شيبة المبرمجة ليوم الأحد 3 أوت 2025، محطّ أنظار المتابعين، في مواصلة لنجاح العروض التي قدّمها المهرجان، وترسيخًا لخياراته الفنية. في الختام، شكّلت سهرة وليد التونسي لحظة استثنائية جمعت بين التأثّر والاحتفاء، وبين عودة منتظرة وصوت لا يُنسى، لتبقى هذه السهرة محفورة في ذاكرة جمهور أوذنة كعلامة مضيئة في سجل المهرجان، ودليل على قدرة الفن الشعبي على تجديد ذاته والبقاء قريبًا من الناس. الأخبار