عرف البرلمان يوم أمس الخميس أجواء ساخنة تراوحت بين احتجاجات اعوان ومُوظفي البرلمان و مقاطعة النواب للجلسة العامة ما تسبب في تأخيرها لاربع ساعات ، وأخيرًا مقاطعة عدد من الأساتذة الجامعيين الباحثين المنتسبين إلى إتحاد ”إجابة” كلمة رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ما تسبّب في إنسحابه دون يُكمل كلمته. وانقسمت المواقف بين السياسيين بين من استنكر انسحاب رئيس الحكومة قبل ان يُكمل خطابه معتبرين أن يوسف الشاهد تهرّب من جلسة المُساءلة المخصصة لقطاع الصحة وبين من لم يستبعد فرضية وجود نية مبيتة ومخطط لمنع رئيس الحكومة من الإعلان عن إجراءات تهم قطاع الصحة بعد فاجعة وفاة 15 رضيعا بإحدى المستشفيات العمومية. وتعالت اصوات الجامعيين منظوري اتحاد الاساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين “اجابة” مع اول كلمة نطق بها يوسف الشاهد، لتتحول الى مشادات وتدافع بينهم وبين اعوان المجلس المكلفين بتنظيم الجلسة العامة لدى محاولتهم اخراج الاساتذة المحتجين من الفضاء المخصص للضيوف والصحفيين بقاعة الجلسة العامة بالبرلمان. وعلّق رئيس الحكومة يوسف الشاهد على رفع الجلسة المخصصة للحوار معه بعد حالة الجلبة الناتجة عن احتجاج مجموعة من الاساتذة الجامعيين، قائلا انه “من غير الممكن ان نواصل العمل في هذه الحالة من الفوضى وفي مثل هذه الظروف التي طغت عليها نقائص تنظيمية ومشاكل ترتيبية لا علاقة للحكومة بها”. وعبر الشاهد في تصريح اعلامي لدى مغادرته قاعة الجلسة العامة عن الاستعداد لعقد جلسة حوار أخرى لمناقشة مشاكل الصحة العمومية، متى دعا مجلس نواب الشعب الى ذلك، مؤكدا عدم تمكنه بعد 4 ساعات من التأخير من مزيد الانتظار وتعطيل عمل حكومته. وإعتبرت كلّ من كتلة الإئتلاف الوطني وكتلة الحرة لمشروع تونس وهما كتلتين داعمتين للحكومة أن ما حصل من تشويش خلال الجلسة العامة للحوار مع رئيس الحكومة، مدبّر مسبقا ويعد منزلقا خطيرا على الديمقراطية. وأفاد رئيس كتلة الإئتلاف الوطني مصطفى بن أحمد ان هناك نية مبيتة ومخطط لمنع رئيس الحكومة من الإعلان عن إجراءات تهم قطاع الصحة، قائلا إن “عملية شحن وتوتير للأجواء متواصلة منذ أسبوع عبر موقع ” الفيس بوك ” من خلال تهديدات بقطع الطريق ومنع رئيس الحكومة من الوصول إلى المجلس. وأضاف ان ما حصل في الجلسة العامة تم التدبير له مسبقا ومخطط له، معلنا أنّ الكتلتين ستدعوان لإجتماع طارئ لمكتب المجلس لوضع الآليات اللازمة لمنع تكرار ما حدث. وحمل رئيس كتلة الحرة لمشروع تونس النائب حسونة الناصفي، المسؤولية في ما حصل لرئاسة المجلس موضحا بالقول ” كنا اتصلنا برئيس المجلس وعبرنا عن عدم إمكانية عقد الجلسة العامة لكن كان هنالك إصرار على عقدها “. وبين انه على هذا الأساس قاطعت كتلتا الحرة والإئتلاف الوطني اجتماع رؤساء الكتل ومكتب المجلس، معتبرا أن ما حدث من فوضى تم بتدبير مسبق. هذا ولم يسبق للبرلمان ان عرف هذا المقدار من الفوضى في جلسة عامة مخصصة لمساءلة الحكومة ما دفع بالبعض للمطالبة بفتح تحقيق في التشويش على كلمة رئيس الحكومة يوسف الشاهد. وفي هذا السياق، أدانت حركة النهضة في بيان لها التشويش على كلمة رئيس الحكومة من طرف بعض المحتجين من خارج المجلس واعتبرت ذلك انتهاكا لحرمة العمل النيابي وتعطيلا لسيره العادي بقطع النظر عن طبيعة المطالب المرفوعة. كما دعت إلى فتح تحقيق في الغرض محملة مسؤولية ما حدث لرئيس المجلس داعية اياه لإتخاذ ما يلزم من إجراءات لتأمين حسن سير الجلسات العامة. من جانبه، قال الناطق باسم رئاسة الحكومة إياد الدهماني إن “الحكومة ستتقدم بمراسلة رسمية إلى مجلس نواب الشعب للمطالبة بفتح تحقيق في التشويش على كلمة رئيس الحكومة بالبرلمان”. وأضاف الدهماني ” رئيس الحكومة كان لديه اليوم الكثير من الكلام الذي رغب بقوله للتونسيين”، وتابع”ماحصل خلال الجلسة العامة هي عملية ممنهجة لمنع الشاهد من القاء كلمته ومخاطبة التونسيين من منبر البرلمان”. يذكر ان حضور رئيس الحكومة يوسف الشاهد في البرلمان كان في إطار جلسة استثنائية للإستماع له حول وضعية الصحة في البلاد، وذلك إثر وفاة الرضّع بالرابطة في آخر أول الاسبوع لشهر مارس الفارط.