أثار قرار الاتحاد العام التونسي للشغل المشاركة في المشهد الانتخابي لسنة 2019، جدلا واسعا بين السياسيين، وانقسمت الموقف بين مرحبّ ومستنكر لهذه الخطوة، الّتي من المتوقع أن تُحدث جدلاً أوسع في الأيّام القليلة القادمة. ولم يستبعد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، مشاركة المنظمة الشغيلة في الانتخابات القادمة موفى العام الحالي، قائلا:” تهمنا الانتخابات البلدية والرئاسية والتشريعية ولن نتخلّى عن أي انتخابات”. وقال الطبوبي في تصريحات سابقة إن الاتحاد لن يبقى مكتوف الأيدي في المرحلة القادمة مشيرا في كلمة ألقاها خلال الاضراب العام في الوظيفة العمومية، اهتمام الاتحاد مستقبلا بكل انتخابات تحصل في تونس. ويرى طيف واسع من المحللين السياسيين أن هذا الخطاب لا يتماشى مع هوية منظمة عمالية أولوياتها ظروف الشغالين المنضوين تحت لوائها وليس المنافسة الحزبيّة، وأنّ المنظمة بإعلانها المشاركة في الانتخابات حادت عن المسار التي يجب أن تنتهجه. وهو ما قد يجعل نضالات القيادات النقابية بمختلف مستوياتها المركزية والقطاعية والجهوية، مجرّد مصعد لسلّم السلطة، في نظر الرأي العام، الذي يسوده التوجس من نوايا المتصدرين للفضاء العام وتعرف مسيرتهم عديد التقلبات التي تفضي في آخر المطاف إلى حضن السلطة، أو أحد أحزابها؟ وإلى يومنا هذا لم يحدد الاتحاد طبيعة مشاركته في الانتخابات، إمّا بحملة توعوية لتحفيز المواطنين والشباب على المشاركة في الانتخابات، أو إمكانية دخوله بقوائم مستقلة في الانتخابات المقبلة، أو من خلال دعم احزاب سياسية وتبنّي برامجها الاقتصادية والاجتماعية، ولا يستبعد بعض المراقبين أن يقوم الاتحاد بدعم ائتلاف الجبهة الشعبية، أكثر طرف سياسي مقرب من الاتحاد ومتموقع بين قياداته. وأفاد الأمين العام المساعد في اتّحاد الشغل بوعلي المباركي في هذا السياق، بأن قسم الدراسات بالاتحاد العام التونسي للشغل بصدد إعداد برنامج اقتصادي واجتماعي يتماشى مع الراهن وسيتشاور فيه مع جميع الأحزاب وكلّ من يتبنى هذا البرنامج سيدعمه الاتحاد خلال الانتخابات المقبلة. وذكر في تصريح صحفي على هامش احياء الذكرى 19 لوفاة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بالمنستير أن هذا البرنامج هو اجراء اجتماعي تأسس على دراسات معمقة للأوضاع الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والشبابية والثقافية. في المقابل، عبّر المحلل السياسي شكيب درويش في تصريح لموقع “الجزيرة نت” عن خشيته من إمكانية أن يؤثر احتمال فشل الجهة السياسية التي سيدعمها الاتحاد، في رمزيته وصورته التاريخية، وأدواره الكبرى التي لعبها في إخراج تونس من الأزمات التي مرت بها في مختلف المحطات. من جانبه، اعتبر النقابي السابق والامين العام لحركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي أن قرار الاتحاد العام التونسي للشغل المشاركة في المشهد الانتخابي لسنة 2019، قرار صائب، لأن الاتحاد والشغالين سيستفيدون إذا انبثقت عن الانتخابات حكومة اجتماعية في بعدها التنموي وسيعاني اكثر إذا انبثقت عنها حكومة ليبرالية، وفق تقديره. واستبعد البريكي ضمن حوار مع صحيفة الصباح الاسبوعي الصادرة بتاريخ 1 افريل 2019، مشاركة الاتحاد بقائمات، مرجحا دعمه لبعض القائمات التي تنتمي لأحزاب ذات بعد اجتماعي، قائلا: “هي مشاركة للتأثير في المشهد السياسي مستقبلا والدفاع عن السيادة الوطنية”. يشار إلى أنّ إعلان الاتحاد العام التونسي للشّغل المشاركة في الانتخابات ليست بسابقة في تاريخ المنظّمة، خاصة وأن المنظمة النقابية كانت قد شاركت في أول انتخابات تونسية عقب الاستقلال للمجلس القومي التأسيسي سنة1956.