بالنظر إلى الأحداث الأخيرة وبالعودة إلى آخر التطورات الدائرة في حزب نداء تونس والذي يجري أول مؤتمر انتخابي له منذ تأسيسيه، يرى مراقبون وعلى ضوء النتائج التي تمخضت عن هذا المؤتمر أن الحزب يتجه أكثر نحو الصراعات والانقسامات ما لم يضغط على زرّ الإنقاذ ويعيد ترتيب أوراقه بشكل ييسرّ عليه عملية الوقوف والتجديد الذاتي بما يتناسب مع التطورات الأخيرة. “وضعٌ معقّد”، هكذا يصف مراقبون الوضع الذي بات عليه حزب نداء تونس والذي يعاني منذ أكثر من 4 اعوام من انقسامات أدت لتفرعه إلى 5 أحزاب مرشحة للارتفاع، بسبب الصراعات على مركز القيادة، صراعات أدت مؤخّرا إلى إلغاء نتائج انتخابات المكتب السياسي للحزب، وإعادة فتح باب الترشّح لعضوية المكتب، وذلك في خطوة يراها مراقبون معطّلة لعملية “ترميم” الحزب، وتزيد في تعميق الانقسامات داخله، قبل أشهر من الاستحقاق المرتقب بالبلاد. وأكّد نائب رئيس مؤتمر حركة نداء تونس، عيسى الحيدوسي، في ندوة صحفية، أنّ المؤتمر قرّر إلغاء نتيجة انتخاب المكتب السياسي، وإعادة فتح باب الترشّحات لعضوية المكتب السياسي، على أن يقع تقديم القائمات المترشحة يوم الخميس المقبل، وتقع دعوة أعضاء اللجنة المركزية لاحقًا، لانتخاب المكتب السياسي الجديد. وأشار الحيدوسي إلى أنّ أشغال المؤتمر شهدت عدّة إخلالات، من بينها تقديم قائمتين لانتخابات المكتب السياسي، تمّ إمضاؤهما من قبل شخص واحد، وعدم تسجيلهما في مكتب الضبط. لكن يبدو ان موقف نائب رئيس المؤتمر لا يتوافق شكلا ومضمونا مع موقف رئيسته سميرة بلقاضي التي اتهمت المدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قايد السبسي بالوقوف وراء قرار إسقاط القائمة. وأكدت رئيسة مؤتمر حركة نداء تونس، سميرة بلقاض، في تصريح ل(وات)، أنّ الطعون المقدّمة تعلّقت أساسا بعدم توفّر شروط الترشّح من جهة وعدم استشارة اللجنة المركزيّة من جهة أخرى. وفي هذا الصدد أوضحت أنّ شروط الترشّح كانت واضحة وأنّ مضمون اللائحة التي تنصّ على ذلك قد بيّنت أنّ الترشح يكون بطريقة القائمات المغلقة مما يعني أنّ المؤتمر لم يقبل الترشحات الفردية. وبيّنت أنّ المؤتمر تلقى قائمتين اثنتين تمّ سحب إحداهما لعدم توفّر شروط الترشح والإبقاء على الثانية وهي القائمة التوافقية التي تمّ عرضها على اللجنة المركزية والتصويت عليها بالأغلبية (200 عضو من بين 217 عضوا). وحول إلغاء القائمة بيّنت انّه لا يمكن الحديث عن إسقاط القائمة إلا في صورة عدم اجتماع اللجنة المركزيّة وهو أمر مستبعد لأنّ اللجنة ستجتمع في ظرف 15 يوما وتنتخب رئيسها. وأكّدت بلقاضي أنها محايدة وأن الإشكال يتعلٌّق بالحزب وبتوزيع المهام ولا علاقة له بالطعون المقدّمة والتي لا ترتقي إلى إسقاط القائمة. وانتخب أعضاء المجلس المركزي الجديد لحركة نداء تونس المكتب السياسي المكون من 32 عضوا، أغلبهم من قيادات الحزب وأعضائه في البرلمان، إضافة إلى 3 كتاب دولة في الحكومة. وضمت الهيئة السياسية بالخصوص كلا من أنس الحطاب وسلمى اللومي، وسفيان طوبال، وحافظ قائد السبسي (نجل الرئيس)، وعبدالعزيز القطي، وناجي جلول، وفوزي اللومي، وفراس قفراش وعبدالرؤوف الخماسي، إضافة إلى كاتب الدولة للهجرة رضوان عيارة، وكاتب الدولة للنقل عادل الجربوعي، وكاتب الدولة المكلف بالدبلوماسية الاقتصادية حاتم الفرجاني. وجاء ذلك، وسط اتهامات بارتكاب تجاوزات غير مسبوقة وتهديدات برفع قضايا للطعن في شرعية المؤتمر الانتخابي لحزب نداء تونس وشفافيته، وما أفرزه من هيئة سياسية. وعكست الخلافات التي عرفها حزب نداء تونس على مدار الأسبوع عسر المهمة التي يواجهها الندائيون والذين ظنوا أن مشاكلهم ستنتهي مع انطلاق المؤتمر، لتكشف الوقائع عكس الظنون ومنها ان الخلافات من المتوقع أن تشتدّ اكثر بعد المؤتمر، إن لم يتحرك الندائيون لإعادة هيكلة الحزب وحسم المعارك الطويلة والتي امتدت على سنوات. وانطلق مؤتمر نداء تونس، السبت الماضي بعد 7 سنوات من تأسيسه، بحضور عدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية والهيئة السياسية للنداء وعدد من أعضاء مجلس نواب الشعب وبحضور رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مؤسس الحزب، الذي كانت له كلمة الافتتاح وعبّر فيها عن حرصه على ضرورة إنجاح المؤتمر والنجاح في الاستحقاقات القادمة. فهل خذل المؤتمرون رئيسهم الباجي قايد السبسي؟