تتواصل حوادث المستشفيات العمومية وسط مخاوف من انعكاس ذلك على توازن المنظومة الصحية في تونس، التي تعيش منذ سنوات حالة من الانهيار بسبب اهتراء البنية التحتية وتردي الخدمات و نقص النظافة والسلامة الطبية وعدم احترام أدنى معايير الشروط والحق في الحياة للمريض، وسط غياب أي إستراتيجية صحية لانقاذ القطاع من هذا الترديّ . وبين الفينة والاخرى، تصدر عن الصحف ووسائل الإعلام حوادث تتعلق بالمستشفيات العمومية، آخرها ما تعلق بمستشفى التوليد ببنزرت الذي انهار سقفها ليخلّف حالة من الذعر والخوف الشديدين. وشهد قسم الرضع بمستشفى التوليد ببنزرت، صباح اليوم الأحد 14 أفريل 2019 سقوط جزء من سقفه العازل دون تسجيل أي أضرار بشرية، مخلّفا بذلك حالة من الهلع في صفوف الموجودين على عين المكان، وفق ما أكده المدير الجهوي للصحة ببنزرت جمال الدين السعيداني لوات. وأضاف المصدر ذاته سلامة جميع الرضع المقيمين بالقسم، باعتبار أن الأسرة التي سقطت عليها أجزاء السقف كانت خاوية من الرضع، مرجعا أسباب الحادث إلى الأشغال المقامة حاليا بالجزء العلوي للقسم. وتم في هذا الإطار، تكليف عدل تنفيذ للقيام بالمعاينات اللازمة وإعداد تقرير اختبار عن طريق خبير هياكل، قصد تحميل المسؤوليات وإحالة الملف على أنظار القضاء لإثبات شبهة الإهمال من عدمها، فضلا عن تنظيم جلسة عمل عاجلة بحضور كل الأطراف المسؤولة، والتي شدّد خلالها رئيس المجلس الجهوي للصحة والي بنزرت، محمد قويدر، على ضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة لتأمين الجميع ونقل الرضع إلى أماكن أخرى. من جانبها، كلفت وزيرة الصحة بالنيابة، سنية بالشيخ، كلاّ من مدير عام الهياكل الصحية وأحد مستشاريها بمعاينة المكان وإعداد تقرير مفصل بشأن الحادث، وفق المصدر ذاته. حوادث كثيرة عرفتها البلاد مؤخرا تشير إلى مؤشرات مرض عضال أصاب المنظومة الصحية لعل آخرها حادثة وفاة 15 رضيعا والحديث عن تعفنات في المستشفيات، وما نخر المؤسسات الصحية العمومية من أوساخ وفساد واستهتار. هذه المؤشرات لم تكن وليدة اليوم او الأمس أوالسنوات القليلة الماضية، بل هي نتاج لعقود من الإهمال والتغييب الكلي للتغطية الصحية، فقد امضى زين العابدين بن علي 23 سنة، من دون أن يبنى مستشفى عموميا واحدا ودون ان يلتفت للمناطق الداخلية التي تعاني من غياب العدالة في التوزيع الجغرافي للمستشفيات وطبّ الإختصاص، وأضحى المرض في بعض هذه المناطق يعادل الموت وأكثر في ظلّ مجتمع لا تتساوى فيه الحظوظالصحية بين الفئات الاجتماعية.