لا يختلفُ إثنان حول واقعيّة حُريَة التعبير في تونس بعد أن كانت حُلما صعب المنال قبل الثورة، وهي تكاد تكون المكسب الوحيد الذي تتمتع به البلاد بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية. واستطاعت تونس في السنوات الأخيرة تحقيق تطور على مستوى الصحافة المرئية و المسموعة و المكتوبة بفضل حرية الرأي التعبير ليصبح الاعلام مرافقًا و رقيبا على العمل الحكومي البرلماني والجمعياتي و ناقدا له. ويرى مراقبون أن الاعلام التونسي قدّم صورة جيّدة للعالم ، من خلال تقديم منابر اعلامية شبيهة بتلك التي تُدار في البلدان المتقدمة حيث تدار النقاشات في كنف من الحرية رغم بعض الحوارات الحادّة، التي يعتبرها البعض ظاهرة صحيّة رغم الانتقادات الموجهة ضدّها. وتقدمت تونس ب25 نقطة وتصدرت الدول العربية في ترتيب التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذى تنجزه سنويا منظمة مراسلون بلا حدود، وفق ما أعلن عنه مدير مكتب شمال افريقيا للمنظمة سهيب الخياطى خلال ندوة صحفية انعقدت اليوم الخميس بتونس. وأبرز الخياطى في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء أن تونس تمثل الاستثناء في تصنيف 2019، مقابل تراجع حرية الصحافة في العديد من البلدان بما فيها البلدان الديمقراطية، فقد مرت من المرتبة 97 سنة 2018 الى المرتبة 72 من بين 180 دولة. واعتبر أن تقدم تونس يعود أساسا الى تراجع وتيرة الاعتداءات ضد الصحفيين ووسائل الاعلام، داعيا الحكومة الى دعم حرية الصحافة باعتبارها من مرتكزات الديمقراطية. ومنذ الثورة، شهدت الصحافة المكتوبة إصلاحات عديدة أهمها إصدار المرسوم 115 لسنة 2011 الذي يلغي قانون الصحافة لعام 1975 ويحل محله، وشمل هذا المرسوم إلغاء صلاحيات وزارة الداخلية ونقل جميع الصلاحيات والإجراءات المرتبطة بحرية الإعلام والتعبير للقضاء، وأهمّها إلغاء نظام الترخيص المقنّع للمطبوعات الذي كان من مشمولات وزارة الداخلية. كما عرف القطاع السمعي البصري إصلاحات عدة تمثلت في إصدار المرسوم 116 لسنة 2011 والذي بموجبه تم إنشاء الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري والتي أوكلت إليها ثلاثة صلاحيات متكاملة: تقريرية واستشارية ورقابية. كما أقرّ دستور 2014 بمبدأ حرية التعبير والفكر ، حيث جاء في الفصل 31 أنّ “حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة. ولا يجوز ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات”. كما يضمن الفصل 32 “الحق في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة”. وأكد مدير مكتب شمال افريقيا لمنظمة مراسلون بلا حدود سهيب الخياطى في ذات السياق على ضرورة تعزيز المنظومة التشريعية سيما من خلال الاسراع في تركيز الهيئة الدستورية للاتصال السمعي البصري بملاءمتها مع المعايير الدولية في مجال حرية الاعلام ، مبينا أن الديمقراطية الناشئة في تونس لا تكفي لضمان حرية إعلام شاملة، وفق تعبيره. يشار إلى أنّ تونس احتضنت شهر نوفمبر الماضي، أكثر من 600 اعلامي عربي و دولي من 30 دولة، في المنتدى العالمي الأول للصحافة و الذي انعقد بتونس في بادرة هي الأولى من نوعها. و شاركت في المنتدى منظمات وطنية ودولية، منها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، جمعية الصحافة والمواطنة بفرنسا، منظمة مراسلون بلا حدود، اليونيسكو، الوكالة الفرنسية لدعم الإعلام، المركزالإعلامى المفتوح والتلفزة التونسية، الإذاعة التونسية ووكالة الصحافة الفرنسية.