أثار بعض سفراء الدول الأجنبية جدلا في تونس، بسبب تحركاتهم المريبة، حيث يعمد البعض إلى حضور اجتماعات حزبية، فيما لا يتردد البعض الآخر في الإدلاء بتصريحات تتعلق بالشأن الداخلي التونسي رغم أن العرف الديبلوماسي يمنع ذلك. وذلك ما دفع نشطاء وسياسيين إلى التحذير من أن تتحول تونس إلى مرتع للسفراء الأجانب الذين يتدخلون في الشأن الوطني ويحددون الاختيارات الكبرى. وافادت وسائل إعلامية أن سفير دولة الإمارات غضب من تعاطي الاعلام التونسي من حضوره في الندوة الصحفية التي عقدتها رئيسة الحزب الحر الدستوري. وشددت ذات المصادر على أن السفير الإماراتي تلقى قبل حضوره ضمانات من الحزب بعدم الإساءة لحضوره ودعمه للحزب، لكن الإعلام التونسي انتقد هذا التدخل الواضح في السياسة التونسية من دولة الإمارات. وكانت الندوة الصحفية، التي عقدها الحزب الدستوري الحرّ يوم 26 أفريل 2019 بالعاصمة، سجلت حضور سفير دولة الإماراتبتونس راشد محمد جمعة المنصوري، الذي واكب تقديم عبير موسي برنامج حزبها الاقتصادي والمالي والاجتماعي في المرحلة القادمة. وبحسب الأعراف وتقاليد العمل الدبلوماسي فإنّه لا يجوز للسفراء التدخّل في الشؤون الداخلية للبلاد أو التأثير في القرار السياسي بأي طريقة كانت، كما أنّهم لا يحضرون الندوات الصحفية للأحزاب. وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها سفير دولة أجنبية جدلا، حيث أثار السفير الفرنسي أوليفييه بوافر دارفور، جدلا بسبب تنقلاته المرفوضة من التونسيين. ولطالما أثارت أنشطة وسلوكيات السفير جدلا وتساؤلات بين الأوساط الحزبية والشعبية، سيما وأنه لا يفوت أي مناسبة وطنية رياضية أو سياسية أو حتى دينية ليسجل حضوره أمام عدسات الكاميرا. كما شهدت تونس في الآونة الأخيرة سجالاً بين أمين عام المنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي والسفير الفرنسي تتعلق بتصريحات سفير دولة أجنبية تمس بسيادة تونس، وبالرغم من أن الطبوبي لم يذكر اسم دافور إلا أن الأخير تولى التعليق والتوضيح، قبل أن يلتقي الطرفان منذ أيام لمحاولة إذابة الجليد بينهما، فيما يرى مراقبون، أن توقيت لقاء السفير الفرنسي مع أمين عام الاتحاد، له أكثر من دلالة، خصوصا بعد إعلان وزير الدفاع عن إيقاف مجموعتين مسلحتين قادمتين من ليبيا، يحمل أغلب عناصرها الجنسية الفرنسية. وكان الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي انتقد في وقت سابق ما اسماه بتدخل السفراء الأجانب في المسائل الداخلية لتونس، مضيفا ان قيمة الدولة في استقلالية القرار الوطني والدفاع عنه لا السماح لكل من هب ودب بالتدخل قي الشأن المحلي، وفق تعبيره. من جانب آخر، أقرّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد منشوراً حكومياً يلزم السفراء بعدم مغادرة تونس الكبرى، وفي حالات استثنائية يطلب السفير الأجنبي ترخيصاً من وزير الخارجية في إطار برنامج يتم الإعلان عنه. وأشعر وزير الخارجية خميس الجهناوي السفراء والبعثات الدبلوماسية بضرورة احترام النواميس الدبلوماسية والأعراف، خصوصاً بعد أن اشتدت حملة مجتمعية منددة بتنقلات السفير الفرنسي ووجوده في مختلف المحافظات ولمواكبته لمختلف البرامج الرياضية والثقافية والسياسية.