تنقسم الاحزاب في تونس إلى صنفين، صنفٌ يتعامل مع العمل السياسي على محمل الجدّ وصنفٌ ثاني لم يستوعب بعد أهمية العمل السياسي الذي من المفترض أن ينطلق قبل أشهر بل سنوات من الإنتخابات والمحطّات الحاسمة، ويبدو أن حركة النهضة قد استوعبت جيّدا هذا الدرس حيث يتفق الجميع على أن حزب النهضة هو الأكثر الأحزواب انضاباطا وتنظيما بين جميع التشكيلات في تونس، اذ عادة ما ينتهي الحزب من تشكيل اوراقه وتنظيمها قبل بقية الأحزاب الأخرى الذي انشغل معظمها في فضّ نزاعاته الداخلية, وأعلنت حركة النهضة يوم أمس الأحد عن انتهاء الجلسات الانتخابية الداخلية التي أمس لإفراز أعضاء قائماتها الأوّلية للانتخابات التشريعية المقبلة بمختلف الدوائر داخل البلاد وخارجها. وأضافت الحركة في بلاغ صادر عنها البارحة انه “تقدّم للتنافس على هذه المقاعد أكثر من 700 مرشّح من قياداتها وفعالياتها المركزية والجهويّة والمحليّة”، مشيرة إلى أن “كافة الجلسات دارت في أجواء تنافسية نزيهة وشفافة تشرّفها وتعكس تشبّث مناضليها باعتماد الآليات الديمقراطية في إدارة شؤون الحزب ومؤسساته”. وأبرزت الحركة أن “مكتبها التنفيذي سيتولى لاحقا انطلاقا من هذه النتائج تشكيل القائمات النهائية التي ستخوض الاستحقاق التشريعي المقبل وفق اللوائح المنصوص عليها"، داعية "مناضليها بعد استكمال هذه المحطة الهامة الى الاتجاه صفا واحداً الى الميدان الأساسي للتنافس على تمثيل الشعب”. كما دعتهم الى “الالتحام بالمواطنين والالتصاق بهمومهم اليومية والعمل على حل المشاكل العالقة في مختلف المجالات والوقوف أمام كل محاولات استغلال حاجات المواطنين للالتفاف على التجربة الديمقراطية الوليدة والإضرار بها”. ويُشيد سياسيون وملاحظون بانضباط حركة النهضة، التي قلّ ما يتغيبّ نوابها عن مداولات مجلس الشعب وبحسب تقارير دائرة المحاسبات للسنوات التي تلت الثورة فإنّ حركة النهضة كانت الحزب الأكثر إنضباطا في تقديم تقاريره المالية والأكثر إنضباطا في تقديم الملفات المالية بعد كلّ إنتخابات شهدتها البلاد منذ ثورة 2011. وفيما يتحدث مراقبون وملاحظون عن أهمية الآلية التنظيمية لحركة النهضة واهمية مؤسساتها في تحديد توجهات الحركة، يتحدث آخرون عن خطورة الأوضاع التنظيمية داخل العديد من التشكيلات السياسية الأخرى الّتي تمرّ وعلى ما يبدو بفترات سيئة، حيث اتجهت بعض الأحزاب نحو تصفية مشاكلها الداخلية في المحاكم، على غرار نداء تونس وائتلاف الجبهة الشعبية اللذين يمران بفترة حساسة من المتوقع أن تؤثر في آدائهما في الانتخابات القادمة.