بالرّغم من مضيّ ثماني سنوات من الثورة وانقضاء خمسة أعوام من تاريخ التصديق على دستور الجمهورية الثانية لم يتمّ بعدُ التوصل إلى تشكيل المحكمة الدستورية. و يرى مراقبون أنّ تعطّل إرساء المحكمة الدستورية يعود إلى الحسابات الضيقة للأحزب و للكتل الممثلة في البرلمان وغياب الاتفاق بين الكتل اذ ان المرشح لعضوية المحكمة عليه ان يتحصل على (145 صوتا) و أمرٌ شبه مستحيل، فيما اتّهم آخرون كتلة مشروع تونس بتعطيل التوافقات في كل الدورات الانتخابية بسبب رفضها للمرشح الّذي يحظى بتوافق أغلب الكتل وهو العياشي الهمامي. وكان جدل المحكمة الدستورية قد عاد بسبب الوعكة الصحيّة التي تعرّض لها رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي الخميس الماضي، خاصّة وانّ المحكمة وحسب شهادة خبراء هي الهيكل الوحيد المخوّل له تحديد من سيخلف رئيس الجمهورية في حال الشغور الجزئي أو الكلّي لمنصبه، باعتبارها الهيئة القضائية المستقلة الضامنة لعلوية الدستور والحامية للنظام الجمهوري الديمقراطي وللحقوق والحريات. وقرّر رؤساء الكتل البرلمانية الاتفاق على عقد جلسة عامة يوم غدٍ الخميس لإنتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وذلك إثر موافقة جميع الكتل البرلمانية على ترشيح العياشي الهمامي لعضوية المحكمة الدستورية باستثناء كتلة الحرة لمشروع تونس التي تمسكت برفضه. وفي هذا السياق، أكد رئيس كتلة الحرة لحركة مشروع تونس حسونة الناصفي أن الكتلة قدمت تنازلات بما يكفي لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية مشيرًا إلى انّ بقية الكتل أصرت وفي 6 دورات انتخابية على تقديم نفس الاسماء، داعيا هذه الكتل إلى مراجعة مواقفها والبحث عن توافقات . وقال ” لدينا تحفظ على هذا الاسم ( العياشي الهمامي) ولا اشكال لنا مع بقية الأسماء واعتقد أنه ليست كتلة مشروع تونس هي التي تعطل مسار تشكيل المحكمة الدستورية باعتبار ان 15 نائبا من جملة 217 لن يتسببوا في تعطيل انتخاب المحكمة الدستورية “. وشهد إجتماع رؤساء الكتل بالبرلمان أمس الخميس خلافا بين كتلة النهضة التي وافقت على ترشيح العياشي الهمامي وكتلة الحرة لمشروع تونس التي تمسّكت برفض ترشيحه وتوجهت بعض الآراء داخل الإجتماع إلى اتهام كتلة الحرة بتعطيل تركيز المحكمة الدستورية والتلويح بتحميلها المسؤولية في ذلك ليغادر رئيس كتلة الحرة الاجتماع وفق مصادر من الاجتماع. وكان مجلس النواب كان قد تمكن من انتخاب القاضية “روضة الورسغيني” عضوا في المحكمة الدستورية، خلال جلسة عامة انتخابية عقدت بتاريخ 14 جويلية2018، في انتظار استكمال انتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين بعد فشل البرلمان عدة مرات في ذلك بسبب الخلافات.