أنهت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عمليات فرز الأصوات في مراكز التجميع، في ظلّ صعود لافت للأحزاب المؤمنة بمبادئ الثورة ورافعة لواء تحقيق أهدافها، رغم صعود الحزب الحرّ الدستوري والذي يصرّح جهرا بمناوئته للثورة ولكل من أتت به. وتشير النتائج الأوّلية إلى صعود 4 كتل محسوبة على الثورة تتقدّمها حركة النهضة، إضافة إلى ائتلاف الكرامة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب، فضلا عن صعود حزب الرحمة ونواب عن قائمات أمل وعمل وكذلك المؤتمر من أجل الجمهورية وعديد المستقلّين الآخرين على غرار الصحبي صمارة والصافي سعيد. وبيّن التقديرات الأوّلية أن هذه الاطراف الثورية سيكون وزنها في البرلمان حوالي 70 في المائة أي ما يقارب 150 نائبا. وفي صورة تشكيل حكومة محسوبة عن الأطراف الثورية فإنّ الفرصة ستكون قد اتيحت من جديد من أجل بناء تونس جديدة. الشعب التونسي الذي وضع قيس سعيد في المقدّمة في الانتخابات الرئاسية وهزم عبر الصندوق مرشحي النظام القديم والقريبين منه، أظهر مرّة أخرى نضجا كبيرا، من خلال اختيار صوت الحرية على صوت الاستبداد والدكتاتورية. ورغم توجّه بعض المحللين إلى أن الشعب التونسي انحاز إلى الانتخاب العقابي في الانتخابات الرئاسية إلاّ أنّه اتجه فعلا نحو معاقبة النظام القديم وهزمه بعد 5 سنوات عاشتها تونس بين الخلافات والشقوق والاضطرابات ومحاولة زعزعة الدولة من أجل خلافات حزبية ضيّقة أظهرت فشل حزب نداء تونس ومشتقاته بعد أن أعطى له الشعب في 2014 فرصة ذهبيّة لتحقيق ما وعد به. ورغم بعض الاختلافات الإيديولوجية بين الفائزين في الانتخابات التشريعية إلا أن مسألة الثورة وتحقيق أهدافها والوفاء لقيمها تبقى الأرضية التي يمكن أن يلتقي عليها العديد منهم ويشكلون حكومة قويّة تتمتّع بحزام برلماني سميك، دون حسابات حزبية فئوية.