ماذا في لقاء لطفي الرياحي بمفتي الجمهورية؟    صفاقس: تفكيك شبكة لبيع محرّكات الزوارق البحرية    يشارك فيه كمال الفقي: الهجرة غير النظامية محور اجتماع تنسيقي دولي بالعاصمة الإيطالية    انتخابات جامعة كرة القدم.. قائمة التلمساني تستأنف قرار لجنة الانتخابات    النادي الافريقي يراسل الجامعة من أجل تغيير موعد الدربي    قيس سعيد: الامتحانات خط أحمر ولا تسامح مع من يريد تعطيلها أو المساومة بها    باجة.. تفكيك شبكة ترويج مخدرات وحجز مبلغ مالي هام    طقس الليلة    منوبة: مشتبه به في سرقة المصلّين في مواضئ الجوامع في قبضة الأمن    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    قضية التآمر على أمن الدولة: رفض مطالب الافراج واحالة 40 متهما على الدائرة الجنائية المختصة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    رئيس الجمهورية يتسلّم دعوة للمشاركة في القمة العربية    الروائح الكريهة تنتشر في مستشفي قابس بسبب جثث المهاجرين    الترجي يقرّر منع مسؤوليه ولاعبيه من التصريحات الإعلامية    حصدت مليار مشاهدة : من هي صاحبة أغنية ''أنثى السنجاب''؟    إغتصاب ومخدّرات.. الإطاحة بعصابة تستدرج الأطفال على "تيك توك"!!    عاجل : معهد الصحافة يقاطع هذه المؤسسة    التمديد في سنّ التقاعد بالقطاع الخاص يهدف الى توحيد الأنظمة بين العام والخاص    استقالة هيثم زناد ر.م.ع لديوان التجارة هيثم زناد و السبب لوبيات ؟    شوقي الطبيب يرفع إضرابه عن الطعام    تواصل غلق معبر راس جدير واكتظاظ كبير على مستوى معبر ذهيبة وازن    البنك المركزي يعلن ادراج مؤسستين في قائمة المنخرطين في نظام المقاصة الالكترونية    لاعب سان جيرمان لوكاس هيرنانديز يغيب عن لقاء اياب نصف نهائي ابطال اوروبا    عاجل/ الشرطة الأمريكية تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل أغلب الطلبة المعتصمين    مجددا بعد اسبوعين.. الأمطار تشل الحركة في الإمارات    مدنين: بحّارة جرجيس يقرّرون استئناف نشاط صيد القمبري بعد مراجعة تسعيرة البيع بالجملة    رئيس لجنة الشباب والرياضة : تعديل قانون مكافحة المنشطات ورفع العقوبة وارد جدا    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    جبنيانة: الكشف عن ورشة لصنع القوارب البحرية ماالقصة ؟    وزارة التربية على أتم الاستعداد لمختلف الامتحانات الوطنية    فظيع/ حادث مروع ينهي حياة كهل ويتسبب في بتر ساق آخر..    عبد المجيد القوبنطيني: " ماهوش وقت نتائج في النجم الساحلي .. لأن هذا الخطر يهدد الفريق " (فيديو)    وزارة التجارة تنشر حصيلة نشاط المراقبة الاقتصادية خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024    المغازة العامة تتألق وتزيد رقم معاملاتها ب 7.2%    إرتفاع أسعار اللحوم البيضاء: غرفة تجّار لحوم الدواجن تعلق وتكشف..    بنزيما يغادر إلى مدريد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    الحبيب جغام ... وفاء للثقافة والمصدح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    الحماية المدنية: 9حالة وفاة و341 إصابة خلال 24ساعة.    24 ألف وحدة اقتصاديّة تحدث سنويّا.. النسيج المؤسّساتي يتعزّز    تونس تشهد تنظيم معرضين متخصّصين في "صناعة النفط" و"النقل واللوجستك"    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    نَذَرْتُ قَلْبِي (ذات يوم أصابته جفوةُ الزّمان فكتب)    مصطفى الفارسي أعطى القصة هوية تونسية    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    وزيرة التربية تكشف تفاصيل تسوية ملفات المعلمين النوّاب    بطولة مدريد المفتوحة للتنس: روبليف يقصي ألكاراز    عاجل : سحب عصير تفاح شهير من الأسواق العالمية    مايكروسوفت تكشف عن أكبر استثمار في تاريخها في ماليزيا    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالإشتراك مع دار الصباح.. ما الذي حدث يوم 15 سبتمبر وكيف نقرأ نتائج الدور الأول من الرئاسيات وتداعياتها؟
نشر في الصباح يوم 03 - 10 - 2019

نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالإشتراك مع «دار الصباح» آخر الأسبوع الفارط مائدة مستديرة لمحاولة فهم وتحليل نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية الذي أثار الكثير من الجدل بين من اعتبره زلزالا ونهاية لمنظومة الحكم الحالية ول «السيستام»وبين من يكيف النتائج في خانة التطور الطبيعي للتجربة التونسية وللمسار الثوري.
وطرحت المائدة المستديرة سؤالا محوريا حول ما الذي حدث يوم 15 سبتمبر 2019؟ وكيف نقرأ نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية وتداعياتها على المشهد السياسي؟
أشرف على تنشيط المائدة المستديرة مهدي مبروك مديرالمركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات تونس، والذي قام بافتتاح المناقشة عبر طرح عدة تساؤلات أخرى حول تبعات وتداعيات هذه النتائج على الانتخابات التشريعية وكيف يمكن فهم تراجع الأحزاب وصعود المترشحين قيس السعيد ونبيل القروي؟ وكيف استطاع المترشحان جذب أكثر من مليون ومائتي ألف ناخب؟هل هي محاولة من الناخبين لعقاب الأحزاب التقليدية النداء وتحيا تونس والنهضة والتيار وغيرهم؟ وهل ما قام به الناخبون هو عقاب جماعي، عقاب أعمى....؟ هل هناك نوع من الاستقطاب الثقافي، السياسي، الجهوي؟......
حاول المحاضرون وضيوف الندوة وهم على التوالي : شاكر الحوكي أستاذ جامعي وعبد السلام الككلي أستاذ جامعي وإعلامي ومحمد ليمام أستاذ جامعي ومحمد الجويلي أستاذ جامعي إلى جانب منير كشو أستاذ الفلسفة السياسية بالجامعة التونسية ونوفل سعيد محامي ومدير حملة قيس سعيد وعلى الجوابي باحث في العلوم القانونية، الإجابة على مجمل الأسئلة والفرضيات التى أثارها مهدي مبروك إلى جانب المساهمة كنخب فكرية وسياسية معنية بالشأن العام في فهم ما حدث في 15 سبتمبر والوقوف على دلالاته واستجلاء تداعياته على المدى القصير والبعيد على الساحة السياسية والخارطة الحزبية ومآل الانتقال الديمقراطي والدولة ومؤسساتها.
المداخلات:
شاكر الحوكي (أستاذ جامعي): أشبه فوز القروي وسعيد بمشهد لعبة الرقبي
◄ ولدنا سياسيا في 2011 والآن نمر بمرحلة المراهقة السياسية
سأحاول ان اجيب عن الاسئلة المطروحة اجمالا وباختصار ودون حسابات مسبقة وأفكار جاهزة وفي اطارالفكرة العامة التي عبرت عنها منذ يومين وهي ان الديمقراطية اخطر مما كنا نتصور.
1 - السؤال كيف يمكن فهم تراجع الأحزاب وصعود المرشحين قيس سعيد والقروي؟
اعتقد ان السؤال الذي ينبغي ان يطرح هو هل تراجعت الأحزاب فعلا وهل ان تراجع الأحزاب هو الحل؟وكيف نفسر عجز الدولة العميقة على الالتفاف على حزب واحد وشخصية واحدة؟ هل هي من الوهن والضعف بمكان انها لم تقدّر المرحلة المصيرية التي نمر بها. السؤال أيضا لماذا تراجعت النهضة وليس فقط لماذا فاز غيرها. والجواب عندي ان حركة النهضة فقدت العلاقة بقواعدها جراء سياسة التوافق والتنازل وسوء إدارة ملف العدالة الانتقالية ولكن أيضا بسبب السياسية التي انتهجتها بمحاولتها استبعاد عناصر النهضة المثيرين للجدل. وظهور قوى سياسية جديدة على يمينها استطاعوا التعبير أكثر عما يدور في خلد جمهور المتدينين والمحافظين.
2 - كيف استطاع المترشحان الفائزان لوحدهما جذب واستمالة أكثر من مليون ناخب؟
اعتقد اننا نحتاج الى عينة بحثية تسمح لنا بمعرف الأسباب الحقيقة لصعود كلا المترشحين ولكن عموما هناك نوع من التمثل للشخصية النبي والمسيح. قيس سعيد بتمثله شخصية عمر ابن الخطاب الذي سيفرض العدل والقروي من خلال تمثله شخصية المسيح الذي يداوي الناس ويطعمهم.
واعتقد اننا شعب لا يريد رئيس دولة بمعنى موظف للدولة بقدر ما يبحث عن مخلص ومنقذ. وانا اريد ان اشبه فوز القروي وسعيد بمشهد لعبة الرقبي حينما يلتحم الجميع بالجميع وفي وسط الزحمة والالتحام والتنافس هناك دائما لاعب يلتقط الكرة ويتركهم في زحامهم ليسجل الهدف بعيدا. ما قام به القروي وسعيد هو ما يشبه هذا المشهد في لعبة كرة الرقبي.
ولنفهم نتائج الانتخابات التي أدت الى فوز قيس سعيد ينبغي ان نفهم صعود المرايحي ومخلوف والصافي سعيد أيضا. والعناصر التي تجمعهم هو أولا حيويتهم وانفعالاتهم وقدرتهم على تقديم خطاب بعيد عن اللغة الخشبية وموقفهم من جملة القضايا الخلافية كمسالة المساواة في الإرث والمثلية ومكانة الإسلام في المجتمع.
3 - كيف يمكن رسم الملامح العامة للسلوك الانتخابي للتونسيين؟
نحن في مرحلة المراهقة السياسية. ولدنا سياسيا في 2011 والان نمر بمرحلة المراهقة. في 2011 لم نكن نعرف ما نريد. في 2014 كنا أطفالا طيعيين للأعلام والمنظومة القديمة وفي 2019 نحن نتمرد على الجميع. ومازال النضج وقت طويل على ما يبدو . ومن خصائص مرحلة المراهقة الانفعال وعدم العقلانية والبحث عن المجهول او الجديد في افق مغاير. ومن مظاهر هذه المرحلة أيضا ان الناخب نعم صوت بحسب قناعاته الشخصية ولكن صوت وكأن عملية الانتخاب مجرد نزوات شخصية تلخصها عبارة «عجبني» وكأن الأمر أيضا يتعلق بانتخابات تشريعية وليس بانتخابات رئاسية. الناخب نفسه لم يبحث عن عقلنة الحياة السياسية والحزبية وكان ضحية التشتت الحزبي وضحية عملية تكسير العظام التي جرت بينهم.
4 - هل يصمد الانتقال الديمقراطي؟
المرحلة القادمة ستشرع للدسائس والمؤامرات: من محاولة عزل الرئيس الى الدعوة الى استقالته الى محاولة سحب الثقة منه وحتى حل البرلمان. ومن ثمة الدعوة الى انتخابات جديدة أوالدعوة الى تدخل الجيش. هذه هي المحاور التي ستطرح للنقاش في الفترة القادمة وسيشتغل عليها الاعلام. وكل هذا تهديد للمسار الانتقالي دون شك.
اريد فقط ان اضيف ان الديمقرطية كما الثورة لا تحسن الوضع الاقتصادي والاجتماعي ولكنها تهيئ الأسباب لذلك بفسحها مجال الحريات الاقتصادية وتطبيق القانون على الجميع وضمان قضاء مستقل وعملي وهذا ما فشلنا فيه الى حد الان ولكنها الديمقراطية في حد ذاتها لا تقضي على الفقر ولا توفر الشغل لكل الناس. ما يوفر الشغل لكل الناس ويقضي على الفقر في الحقيقة هو الاستبداد والديكتاتورية التي بوسعها ان تكذب على الناس وتجعلهم يصدقون خزعبلاتها. والذي يحسن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للشعوب هو اقدامها على العمل واستغلال التكنولوجيا والتأقلم مع الحاجيات الجدية للعصر.
عبد السلام الككلي (أستاذ جامعي وإعلامي): الناخب عاقب الأحزاب لتشتتهم
◄ أرجو ألا يخضع الناس للخوف بل لتقييم المترشح والاختيار بحرية
يجب أن نكون حذرين في تبنى فكرة تراجع الأحزاب ونحن نتناول بالتحليل نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها فلا يستقيم الجزم بهذه الحقيقة والحال أن أحد المرشحين للدور الثاني يمثل حزب ويرأسه.
ثم إن الحديث عن تراجع الأحزاب لا يمكن أن يكون دقيقا إلا في الانتخابات التشريعية أساسا بعد التصويت على القائمات من قبل الناخبين. ففي الانتخابات الرئاسية لا يقوم الناخب بالتصويت لأجل الحزب بل لشخص في حد ذاته.
كما يمكن أن يكون ناخب ما منتميا لحزب ما ويصوت لمترشح آخر. فالانتخابات الرئاسية بها خليط بين الاعتبار الحزبي والاعتبار الشخصي. وإذا صحت فرضية تراجع الأحزاب فسيبرز ذلك في الانتخابات التشريعية مصاحبا لصعود القائمات المستقلة، الذي من الصعب حدوثه، فمن الأرجح أن الأحزاب الموجودة الآن سيكون لها نصيب. وعند التحدث عن انهيار الأحزاب فنحن نتحدث عن معاقبة الناخب للأحزاب وذلك لتشتتهم.
عندما عرض مشروع قانون تعديل القانون الانتخابي عرض أساسا لاستبعاد بعض الناس لأنهم أحسوا بالخطر ولو صرح بالقانون لم نكن لنقع في هذا الوضع وهذه مشكلة تتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية إذ أن الرئيس الراحل السابق الباجي قايد السبسي منذ صعوده إلى الحكم ترك الدستور وتصرف لوحده.وكان من المفروض أن يكون رئيس الجمهورية فوق الأحزاب ولكنه كان عكس ذلك وصنع الكارثة التي نحن بها الآن.
بالنسبة لمسألة تكافؤ الفرص بين المترشحين للدول الثاني من الانتخابات الرئاسية أود الإشارة بداية أنني مع ضرورة خروج القروي من السجن من أجل سلامة ونزاهة العملية الانتخابية وحتى لا يفتح المجال لمسألة التشكيك فيها أو إلغائها.
لكن في المقابل يحق التساؤل عن أي تكافؤ للفرص نتحدث في ظل وجود قناة مارقة عن القانون؟ وهنا على الدولة تحمل مسؤوليتها في علاقة بوضعية قناة «نسمة».
وفيما يتعلق بسلوك الناخب فمن المرجو أن لا يخضع الناس للخوف، يجب التثبت من البرنامج وسماع المترشح وتقييمه والاختيار بحرية. لكن كيف يمكن للناخب التونسي أن يتخلص من الخوف في خضم القصف الإعلامي وحملات التشويه والتي سوف تشتد لأنهم ينتابهم شعور أن قيس السعيد سوف ينتصر.
قيس السعيد غير قادر على فعل التغيير الملحوظ لأنه ليس لديه قاعدة حزبية ولا قاعدة برلمانية لكن أهم ما يجب أن يلتزم به هو احترام الدستور واحترام التعيينات وممارسة حقه في محاسبة الحكومة لطلب تجديد الثقة بها وتقديم صورة طيبة لتونس في الخارج. دور الرئيس هو دور جوهري فهو يمكن أن يمثل حكما بين الأحزاب هذا ما لم يقم به الرئيس السابق الباجي قايد السبسي كان نصيرا حزبه ونصيرا للعائلة والتوجيهات. على الرئيس التقيد بالصلاحيات التي يمنحها له الدستور مع عدم تجاوزها.
محمد ليمام (أستاذ جامعي): عنوان الدور الأول للرئاسيات هو «انتخابات النتائج المنتظرة»
◄ لدينا طبقة سياسية تستمع ولا تصغي
- إذا أردنا منح عنوان رئيسي للدور الأول من الرئاسيات سيكون «انتخابات النتائج المنتظرة» لأن العديد من المؤشرات ومنها نتائج الانتخابات البلدية كانت مقدمة للوضع الراهن لكن للأسف تشترك الطبقة السياسية في تونس في أنها تستمع ولا تصغي للرسائل والمؤشرات واتجاهات الرأي العام.
ومن بين الرسائل التي بعثت بها البلديات للأحزاب والطبقة السياسية كانت التحذير من وجود مشكل ما بينها وبين الجمهور. وفي حين عجزت النخبة في الحكم والمعارضة على التقاط المؤشرات نجح نبيل القروي وقيس سعيد وألفة تراس العضو المؤسس لجمعية «عيش تونسي»،في اقتناصها وشرعوا مبكرا في العمل على استمالة الناخبيين.
لكن ما دفع للإستغراب من نتائج قيس سعيد مرده تلك المواقف السابقة التى عبر عنها من قبيل الحديث عن عدم حاجته للتمويل العمومي وللإعلام وأنه لا يطلب من أحد التصويت له كما لا برنامج لديه ولا وعود يطرحها على التونسيين مما ترك انطباعا لدى الكثير من المتابعين ولدى الطبقة السياسية أن ترشحه ليس جديا ولا حظوظ له في الوصل إلى الدور الثاني.
كذلك الشأن بالنسبة للمترشح نبيل القروي فعنصر المفاجأة في مروره للدور الثاني يعود إلى تكوينه حزب قلب تونس قبل فترة وجيزة من الانتخابات كما أنه ظل متريثا في اتخاذ قرار ترشحه والإعلان عنه إلى آخر وقت. وبالتالي ظن كثيرون أن حظوظه لن تكون وافرة.
هناك أيضا من رجح فرضية تجند النهضة لنصرة مرشحها عبد الفتاح مورو وضمان مروره للدور الثاني بكل قوتها لا سيما وأن الحركة تغامر للمرة الأولى بتقديم ودعم مرشح من داخلها وليس من مصلحتها أن تفشل لما قد تتسبب فيه الخسارة من تداعيات سلبية على موقع النهضة ومستقبلها السياسي لذلك استبعد كثيرون فرضية عدم مرور «مورو» للدور الثاني. وبالتالي جاءت النتائج مخالفة لكل توقعات وفرضيات الأحزاب والطبقة السياسية والملاحظين.
من جهة أخرى تجدرالإشارة إلى وجود ثلاثة عناوين رئيسية يمكن من خلالها محاولة فهم ماذا حدث يوم 15 سبتمبر:
أولا: التصويت العقابي، ففي كل الحالات ما حدث كان عقوبة للعرض السياسي برمته منذ 2011 وليس للأحزاب في حد ذاتها. وقد استغل القروي عدم قدرة السلطة على الإلتحام بهموم شعبها على امتداد 8 سنوات. واستشعر هذا الفراغ وملأه بطريقة ما ولم يهتم المصوتون له إن كان متهربا ضريبيا أو غير مؤهل لمنصب رئيس الجمهورية.
من جهته كانت عوامل فوز قيس سعيد مرتبطة بخطابه الناقد للنظام السياسي القائم واعتباره غير صائب ويجب تغييره كما أحدث قطيعة مع العرض السياسي القائم من خلال التسويق لعدم وجود برنامج له ولا وعود وبأنه سيلتزم بما سيتم افرازه على المستوى المحلي. وبالتالي أوكل الشأن العام للناس وللشباب الغاضب تحديدا على «الفايسبوك» و»الانستغرام» الذين كانوا محور خطاب سعيد وهدف القائمين على حملته الانتخابية.
ثانيا: التشتت داخل العائلة الحداثية الوسطية، والمتسبب الرئيسي في حالة التشتت هو الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي من خلال تأجيل الإعلان عن نية ترشحه من عدمها في سنة انتخابية كانت تحتم الحسم والتحضير لكل الفرضيات الممكنة قبل حيز كاف من الزمن.
كما ساهمت العلاقة المتوترة بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي في التأثير على اتجهات التصويت وما حدثت أن النخبة المحيطة بالشاهد رفضت دعوة محيط الزبيدي للإلتحاق بهم والتنازل لفائدة هذا الأخير. في المقابل لم يغفر المحيطين بالزبيدي للشاهد ابعادهم في مرحلة ما ورفضوا الالحاق به.
ثالثا: تغيير موعد الانتخابات الرئاسية والخلط بينها وبين الانتخابات التشريعية على مستوى انسياق المترشحين للسباق الرئاسي في تقديم الوعود خارج إطار صلاحياتهم مما أحدث ضبابية في أذهان الناخبين وأثر على السلوك الانتخابي فيما بعد.
محمد الجويلي (أستاذ جامعي): الفائزون كانت مواقفهم معارضة للمساواة في الميراث
◄ المسلسلات التركية ساهمت في فوز نبيل القروي
في البداية أريد التأكيد على فرضية أن الانتخابات هي واحدة وأن المشهد تشكل تقريبا منذ الدور الأول للرئاسيات ولن يتغير كثيرا في بقية المواعيد.
ثانيا من المهم الإشارة إلى ان نتائج الانتخابات يمكن أن تكون مفتاحا لقراءة ماذا يحدث في المجتمع التونسي الآن.
ومثل أي ممارسة إجتماعية أخري يمكن أيضا للانتخابات أن تكشف ما يطلبه الناس من احتياجات مادية ونفسية ورمزية واجتماعية وطبيعة الصراعات بينهم والتحولات في منظومة القيم لديهم.
لقد كشفت انتخابات 15 سبتمبر أن النتائج حامت حول حاجة الناس إلى الثقافة في كل ما يهم معطيات قيمية وأخلاقية ودينية ومنظومة رمزية، لكن ايضا ضمن هذه المنظومات كان الفرد في كل هذا حاضرا بقوة.
وهذه الملاحظة تعطينا فكرة عن ماهية المقولات الثقافية التى حامت حول هذه الانتخابات وأسندت للمترشحين نبيل القروي وقيس سعيد، إذ نجدهما في نفس السياق لكن أخذ كل منهما اتجاها مغايرا للآخر. ففي حين كانت وجهة الأول العطف و»الحنية» ووضع النفس في خدمة الآخرين في المقابل نجد لدى الثاني منظومة عاطفية أيضا لكن في اتجاه التعفف والطهورية والنقاوة.
وفي المحصلة نجد سجلا قوامه راس مال عاطفي كبير في بعد رمزي ثقافي عاطفي ديني ويستفيد منه الفرد بشكل كبير.
ولي ملاحظتان في هذا السياق:
أولا: أن الأحزاب أو الاشخاص الذين انتصروا في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية كان موقفهم معارضا لمسالة المساواة في الميراث التى كانت عنصرا محددا في توزيع النتائج. ما يؤكد حضور البعد الديني الثقافي والحسم في اتجاهات التصويت.
ثانيا : ما جعل جزءا من المواطنين ينتخبون نبيل القوري ليست «المقرونة» خلافا لما هو سائد، بل أعتقد أن المسلسلات التركية التى كان يبثها على قناته ونوعية المواضيع التى تتناولها، المتطابقة مع ما يحلم به المواطن حيث تضع العائلة محورا اساسيا كما تقدم فكرة الفرد الذي يتسلق وينجح في النهاية، قد أثرت على الجمهور المتابع للقناة حيث نجد تشابها كبيرا بين نسبة مشاهدة نسمة وتوزيعها في الشمال الغربي ونابل وبين نتائج القروي في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية.
في السياق ذاته أبرزت هذه النتائج حاجة الناس إلى جملة من المحددات القيمية هي كالتالي:
- نلاحظ هنا أن المترشحين بنيا صورتهما أو حملتهما الانتخابية على قيمة أساسية اليوم وهي الإعتراف، الإعتراف بالشخص بالفرد بالعائلة بالجهة وهذا المحور مهم الآن في جعل الفرد يبني مشاريع في حياته وتصورات محيطة به، وهناك طلب كبير من المواطنين على هذه القيمة حيث لعب المترشحان على قيمة الإعتراف ونجحا في ذلك والدليل حجم البعد العاطفي الذي يكنه الناخبون لكليهما.
- إلى جانب الإعتراف يحتاج المواطنون اليوم أيضا إلى التواصل معهم والقرب منهم بمعنى الذهاب إلى الناس وإلى الناخب وهنا اختار كل مترشح كتلة سوسيولوجية للتواصل معها سعيد ركز على الشباب والقروي استهدف العائلة والفئة العمرية التى تجاوزت 40 سنة.
- يحتاج الناس كذلك اليوم إلى الإصغاء بمعنى الذهاب للمواطنين لا لتقديم الخطب لكن للانصات لهم وذلك يرفع من قيمة الشخص المقابل. هذه المعطيات جعلت سعيد والقروي يتميزان بعرض وآداء انتخابي يخرج عن المألوف. ولم يتمكن بقية المنافسين من القيام به أولا لأن البعض منهم ممن في السلطة لم يجدوا الوقت الكافي وآخرون رغم توفر الوقت والامكانيات المادية لم يفهموا حاجة الناس. عكس نبيل القروي مثلا المختص في الاتصال الذي كان قادرا على اكتشاف حاجة الناس والدليل على ذلك أن ملصقاته الاشهارية الانتخابية خرجت عن المألوف وعن مركزية المترشح فيها بل كانت تشاركية وعاطفية بالاساس فيها روائح نبيل القروي مع روائح نساء كادحات وشباب منسى.
في الختام نؤكد أن الانتخابات الأخيرة كشفت أن المجتمع طور في احتياجات جديدة ليست اقتصادية واجتماعية فقط بل بها منحى ثقافي معياري وأخلاقي.
منير كشو (أستاذ الفلسفة السياسية بالجامعة التونسية): الديمقراطية التمثيلية الليبرالية قوتها في وجود أحزاب ناشطة وفاعلة
في الديمقراطيات تراجع الأحزاب أمر منطقي تتراجع أحزاب لبروز أخرى في إطار منفتح تنافسي.و هو آمر ايجابي لكي لا يستقر احد في السلطة لمدة أكثر من اللازم. لكن المشكل هناك أحزاب تشكلت حديثا، ناشئة والبعض خاض انتخابات واحدة وانتصر والبعض الآخر انقسم. معاناة الأحزاب لدينا لا يعني أن الحل يكمن في القائمات المستقلة أو في المجتمع المدني دون أحزاب. الديمقراطية التمثيلية الليبرالية قوتها تكمن في وجود أحزاب ناشطة وفاعلة. ووجود حزب يعني هناك توجه وبرنامج أي لدينا ما نحاسب به هذا الحزب أو ذاك. لكن عندما يتعلق الأمر بالقائمات المستقلة لن تجد الحد الأدنى من الانسجام. لذا نحن نريد للأحزاب أن تكون فاعلة، ناشطة وأن تساهم في بناء الديمقراطية. تظل الأحزاب عماد الديمقراطية التي اخترناها في ظل النظام الدستوري.
إما في ما يتعلق بمسالة الشعبوية، لاننا ديمقراطية ناشئة فالحركات الشعبوية لا تهتم بالأخلاق وبقضايا الفساد التى قد تلاحق المترشحين في الانتخابات.
وعند الحديث عن معاداة المنظومة والسيستام هل المقصود هنا الحكومة والبرلمان أو الدستور وكل منظومة ما بعد 2011 وهنا يكمن الخطر. ولعل السؤال المطروح هل ستتحقق الرفاهية والتنمية والتشغيل والإزدهار بإزالة هذه المنظومة؟ الجواب قطعا غير صحيح. والمطلوب اليوم إعادة تأسيس الإقتصاد من أجل تعزيز الديمقراطية.
نوفل السعيد (محام وجامعي وعضو في حملة قيس سعيد): خلافا لما يروج حملة قيس سعيد غير ممولة من أي جهة كانت
◄ المطلوب اليوم من الأحزاب إعادة صياغة أدوارها والقيام بمراجعات عميقة من خلال قراءة نتائج الانتخابات
مثلت الدورة الأولى للانتخابات لحظة ديمقراطية بامتياز ومرحلة ساعدت في تدعيم المسار الانتقالي الذي شهدته تونس منذ 2011. وكانت المناظرة عملية غير مسبوقة في تونس تبرز التمشي الديمقراطي ويجب التنويه بذلك وبالمكاسب التى تحققت.
أما في ما يخص الأحزاب فخلال المحطات الانتخابية الثلات 2019،2014،2011 شهدت الأحزاب بعد ظهورها البارز سنة 2011 خاصة منها المعارضة تآكلا مع مرور الوقت. إذ أن برامجها تقوم على التموقع السياسي أكثر من كونها برامج تستجيب لتطلعات التونسيين. وقد تابع الشعب التونسي ذلك عن كثب من خلال ما يتداول في الكواليس السياسية والبرلمانية وما يحاك داخلها وما عاينه من سياحة حزبية فتعمقت الهوة بين المواطن وبين الاحزاب والطبقة السياسية وأصبح يبحث عن بدائل للوضع القائم منذ 8 سنوات.
قام قيس سعيد ونبيل القروي بالاستثمار في هذه الهوة او الهامش لكن بطرق مختلفة.
فيما يخص المترشح قيس سعيد، فهو لم يقم بقطع وعود بل اقر انه سيحاول تحقيق الآليات التي توفر مطالب الناس. وقد كانت حملته قائمة على الاتصال المباشر بالأشخاص، وفظل أن تكونفي المقاهي وفي الساحات العامة.
بخلاف القروي الذي لم يستثمر في إعادة تشكيل المنظومة بل في تقديم إعانات تهدف إلى تحصيل الحد الأقصى من الأصوات لتجاوز المرحلة الانتخابية وقام بالتعبئة بطريقته الخاصة معتمدا على قناة نسمة تحديدا.
وفي سياق الحديث عن الهوامش تجدر الإشارة إلى أنها تفاقمت وتدعمت منذ عهد بن علي وخلقها كان يهدف إلى السماح بالكثير من التسيب في العمل الاقتصادي والتهريب من اجل أن يكون هذا الهامش مصدر معلومات لتثبيت أركان حكم الاستبداد. وحتى ابان الحكومات المتتالية بعد الثورة لم يقع الإهتمام بالهامش على مستوى التهريب والإرهاب وبقي غير مؤطر حيث تم التوجه إليه اليوم للعب ادوار جديدة في هذه المرحلة.
أريد كذلك التأكيد أنه خلافا لما يتم الترويج إليه فحملة قيس سعيد كانت بسيطة غير ممولة لا من قريب ولا من بعيد ولا من أي جهة كانت. كما ان قيس سعيد ليس وليد البيان رقم واحد بل جاءت به الانتخابات وطرحه صلب المؤسسات الدستورية وهو لا يتعارض مع الأحزاب السياسية.
المطلوب اليوم من الأحزاب إعادة صياغة أدوارها والخروج من منطق المحاصصات والقيام بمراجعات عميقة من خلال قراءة نتائج الانتخابات والوقوف على مواطن الضعف قصد الخروج بخطاب وطرح جديد للتونسيين.
المطلوب كذلك خلق ديناميكية جديدة لأجهزة الدولة وأن يكون رئيس الدولة شخصية نزيهة متعال عن الأحزاب من أجل خلق رمزية جديدة يجب تكريسها والدفاع عنها.
يتعين ايضا إعادة النظر في نظام الإقتراع الحالي لأنه يكرس الصراع على ترؤس القائمات حيث يكون الولاء للحزب في حين أن الإقتراع على الأفراد يفرض الولاء للناخبين ومدى الإستجابة لانتظاراتهم .
علي الجوابي (باحث في العلوم الاقتصادية): عدم تكافؤ الفرص يوجه ضد القروي
◄ يجب وضع حد للسياحة الحزبية التي أساءت للأحزاب والنخبة السياسية
ليس هناك تراجع للأحزاب ككل بل بعضها فقط من شهد تراجعا. كما أن في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية من المفروض أن يكون التصويت للشخص وليس للحزب وبالنسبة لنبيل القروي فالجمعية الخيرية وإيداعه في السجن هما عنصران يخدمان مصلحته لاعتماده على تعاطف الناس وبالنسبة لمفهوم الحزب يبدو انه في تونس ومنذ الاستقلال ترسخ في الأذهان مفهوم الحزب الشخص وليس الحزب البرنامج وذلك منذ بورقيبة وتلاه ارتباط التجمع ببن علي ثم النداء بالسبسي.
من المهم أيضا التأكيد على ضرورة وضع حد للسياحة الحزبية داخل البرلمان وخارجه. فهناك رؤساء كتل ينتمون لأحزاب تقدموا كرؤساء قائمات في الانتخابات التشريعية في تعد صارخ عن القانون والأعراف السياسية وهذا الأمر لا يجب أن يستمع لما فيه من إساءة لصورة الأحزاب وللنخبة السياسية.
وفي إعتقادي أن الحديث عن تكافؤ الفرص والتخوف بشأن نزاهة الانتخابات ليس المعني به قيس سعيد لأن منافسه في السجن بل بدرجة أولى المقصود هو نبيل القروي لحيازته على قناة تمارس الدعاية له وتنشط خارج إطار القانون.
أما الحديث عن تغيير الدستور قبل استكمال تطبيقه وتركيز مؤسساته فلا يستقم ولا يمكن الحكم النهائي ضد دستور لم يفعل بعد.
النقاش
ما حدث تطور طبيعي للتجربة ونتيجة مزاج شعبي غاضب
عقب مداخلات المحاضرين حلقة نقاش تفاعل فيها الحضور مع ما تم طرحه من أفكارك ما تمت إثارة جملة من الاسئلة والنقاط لمحاولة مزيد فهم نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية وما خلفته من ردود فعل وتداعيات على الساحة السياسية والحزبية.
وأكد الحبيب أول المتدخلين من الحضور الذين واكبوا الندوة ان ما حدث لا يمكن وصفه بالزلزال كما ذهب إلى ذلك الأغلبية بل هو تطور طبيعي للعملية الديمقراطية في تونس.
ويضيف المتدخل ان من جاؤوا في 2011 واستلموا السلطة تمت معاقبتهم على آدائهم المخيب للآمال في 2014 ثم صعدت نخبة أخرى عوقبت اليوم لأنها لم تلتزم بوعودها. ويعتبر المتحدث انه على امتداد 8 سنوات تلخص المشهد في أن كل من السلطة يتهم من في المعارضة والعكس صحيح والإعلام منخرط في هذه العملية فكانت النتيجة أن التونسي عاقب الجميع دون استثناء.
من جهته بين د. إدريس رائسي وهو باحث في التاريخ الحديث والمعاصر أن نتائج الدور الأول للانتخابات الرئاسية لا تعد مفاجئة، بل يمكن القول إن نتائج 17 سبتمبر 2019 هي تطور «درامتيكي» أو طبيعي للمشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تونس منذ 14 جانفي 2011 إلى اليوم. فالشعب التونسي الذي كان يحدوه الأمل من أجل تغيير الوضع العام إلى الأفضل انتخب «حركة النهضة» في أول انتخابات تشريعية إثر مرحلة أليمة في تاريخ تونس المعاصر وهي مرحلة «الديكتاتورية»، حيث حازت الحركة على حوالي 2 مليون ناخب من أتباعها ومن غيرهم على أساس أنهم «يخافون الله»، وبإمكان الحركة النهوض بالبلاد من أجل تغيير الواقع نحو الأفضل، إلا أن ذلك لم يحصل.
وأمام خيبة الأمل من حكم «الترويكا»، فمثلا في الجانب السياسي، رغم الوعود بإنجاز الدستور في ظرف سنة لكن «حياكته» بقيت ثلاث سنوات وهو ما ترك حالة من الاستياء لدى الناس، وفي المشهد الانتخابي لسنة 2014 والذي تزامن مع ظهور حزب «نداء تونس» بقيادة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، والذي رأى فيه الشعب التونسي آنذاك المنقذ للبلاد وكحزب ناشئ يمكنه تعديل الكفة أمام حركة النهضة، ورغم حالة التشويه الكبيرة التي رافقت الحملة الانتخابية وحتى بعد ظهور الانتخابات،فإن اتفاق باريس بين الشيخين لم يستطع الاستجابة للانتظارات الشعبية,ويضيف د. رائسي أن قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري بما أن ظهوره كان مفاجئا على الساحة السياسية، فيبدو أنه استطاع أن يكسب فئة معينة من المثقفين والشباب رغم أنه ليس لديه برنامج انتخابي واضح بل كانت لديه ثوابت في مواضيع معينة مثل موقفه من المصالحة والارث والمحكمة الدستورية وكيفية الحكم جعلته محط انظار العديد في مجتمع يشكوا فيه الشباب من البطالة (زهاء 800 ألف عاطل عن العمل)...
مخاوف
بدورها أثارت المتدخلة حميدة مسألة الفجوة بين الشعب والنخبة واصرار هذه الاخيرة على رفع شعارات والمطالة باستحقاقات لم تكن يوما من أولويات التونسيين وهي بعيدة كل البعد عن حقيقة تفكيرهم ووضعهم ومطالبهم العاجلة والمستعجلة...
منى اليحياوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.