أثار إعلان رئيس الحكومة المكلّف عن فشل المفاوضات مع الأحزاب السياسية والتوجّه نحو تكوين حكومة كفاءات مستقلة، تساؤلات المتابعين للمشهد السياسي حول مدى حظوظ حكومة الكفاءات التي سيشكّلها الجملي وسيعلن عن تركيبتها نهاية الأسبوع الجاري على أقصى تقدير، في نيل الثقة من البرلمان، خصوصا وأن الأحزاب الممثلة داخل مجلس النواب لن تشارك في الحكومة وهو ما يجعل مسألة نيل الثقة أمرا صعبا في نظر الكثيرين. وبالرجوع إلى مواقف عدد من الأحزاب الممثلة في البرلمان التي دعت إلى تكوين حكومة كفاءات، وبالأخص موقف حركة النهضة التي تملك أكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب (54 مقعدا) والتي كانت تعهّدت، في بيان لها أمس الاثنين، بالمضي في تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، يتبيّن أن حظوظ حكومة متكوّنة من شخصيات مستقلة في حصد ثقة البرلمان أوفر من أي حكومة أخرى قد تكون ممثلة من ائتلاف سياسي هشّ. حكومة مفتوحة أمام الجميع قال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري إن “النهضة في إطار مسؤوليتها السياسية والدستورية باعتبارها الحزب الفائز في الانتخابات والمعنية بتشكيل الحكومة ستواصل دعم حكومة الجملي وتصوره المتعلق بحكومة كفاءات بغض النظر عن الخلفية السياسية للأشخاص”. وبشأن حظوظ حكومة الجملي المقبلة في ظل غياب أغلبية برلمانية داعمة لها، اعتبر الخميري، في تصريح لموقع “الشاهد” أن جميع الأطراف السياسية تتحمل مسؤوليتها في ظل ظرف دقيق وحساس تمر به البلاد. وفي تصريح له اليوم الثلاثاء، قال رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، حكومة الكفاءات الوطنية التي اقترحها رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي ستكون أكثر حكومة تأييدا من أي حكومة سابقة لأنها ستكون مفتوحة أمام الجميع ولا تقصي أحدا. إنهاء التهريج السياسي من جانبه، توقّع المحلل السياسي بولبابة سالم أن حكومة الكفاءات الوطنية المستقلة عن الأحزاب التي أعلن عنها الحبيب الجملي ستنهي التهريج السياسي، وتنال ثقة البرلمان لأن الوقت لم يعد يسمح بمزيد العبث بعد نقض الاتفاق السياسي الذي حصل يوم السبت 21 ديسمبر الجاري، من طرف حزبي التيار وحركة الشعب. وقال بولبابة إن أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية صعبة جدا والمحيط الإقليمي مضطرب وهناك كتل عديدة ستصوت للحكومة الجديدة، حسب تقديره. الإصلاح وقلب تونس يدعمان حكومة كفاءات وفي تصريح لموقع “الشاهد”، قال رئيس كتلة قلب تونس التي تضم 38 مقعدا، حاتم المليكي: “نحن طالبنا منذ البداية أن تكون الحكومة حكومة كفاءات وتكون لها أجندة اقتصادية اجتماعية”.وتابع المليكي قائلا “رئيس الحكومة المكلّف صرّح أن خياره هو حكومة كفاءات، ونحن عبرنا على استعدادنا لدعم هذه الحكومة”. وشدّد المليكي على أنه لم تعرض عليهم حقائب وزارية، مضيفا بأنه إن تم تكوين حكومة كفاءات سيدعمها قلب تونس.وحول إمكانية الاتفاق مع حزب قلب تونس، أكّد الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري أن كل الاحتمالات واردة. بدوره، عبّر رئيس كتلة الإصلاح الوطني (16 مقعدا) حسونة الناصفي عن رفضه منطق التعجيز والمحاصصة في المشاورات (في إشارة إلى شروط التيّار). واعتبر الناصفي في تصريح لموقع “الشاهد” أن قرار منح التصويت من عدمه للحكومة لم تحدده كتلته بعد في انتظار عرض التركيبة والتعهدات التي قطعها الجملي على نفسه وهل سيفي بها أم لا خاصة تعهداته بخصوص تحييد وزارات السيادة، ثمّ تقرر الكتلة. كسب ثقة ثلاث كتل من جهته، قال المحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي، إنه “بعد انسحاب الأحزاب الثلاثة، فإن الجملي يتجه نحو تشكيل حكومة كفاءات وطنية ستكون مدعومة أساسا من النهضة، وتكسب ثقة كتلتين أو ثلاثة في البرلمان أي ما يقارب 115 أو 120 صوتا”. وذلك قبل أن يستدرك الجورشي بالقول إن “هذه الحكومة ستكون هشة وستواجه معارضة شديدة من قبل أطراف عديدة، ولكنها ستمر إذا توصلت النهضة إلى اتفاق مع قلب تونس (38 نائبا). وتطرح فرضية مصادقة كتل النهضة وقلب تونس والإصلاح الوطني والمستقبل (09 مقاعد) حصول حكومة الجملي على 117 صوتا، في مقابل أن الفرضية التي كانت مطروحة بتكوين حكومة حزبية بمشاركة كل من النهضة والتيار والشعب وتحيا تونس لم تكن لتمنح الحكومة الثقة بأكثر من 106 صوتا. وتحتاج حكومة الحبيب الجملي ثقة الأغلبية المطلقة ب 109 نائبا (الأغلبية المطلقة= 50 بالمائة +1).