ينظّم اليوم الخميس مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة لقاء فكريا تكريما للمناضلة راضية حداد، إحدى رائدات ومُؤسّسات الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، تزامنا مع الاحتفال بالذكرى الرابعة والستين لتأسيسه، وستعرض بالمناسبة صور ومخطوطات نادرة تحت عنوان “راضية حداد: مناضلة، مسيرة وصور”. وقد أسّس الاتحاد القومي النسائي التونسي (التسمية السابقة) سنة 1956 بعد قرار حل الاتحاد النسائي الإسلامي التونسي، أول منظمة نسائية تونسية أسست سنة 1936 قادتها بشيرة بن مراد حتى قرار حلّها ضمن حملة واسعة لحلّ الجمعيات بعد الاستقلال. وظل اتحاد المرأة في تبعية كاملة للحزب الدستوري الحاكم حتى حلّه في مارس 2011، بقرار قضائي. ويظهر الأرشيف الصحفي التونسي أنّ اتحاد المرأة كان منسجما مع رؤية الحزب الحاكم بل مع سياسات الرئيس الحبيب بورقيبة ومواقفه الداخلية والخارجية، ومن أبرزها الموقف من اضطهاد جماعة الإخوان المسلمين في مصر التي كانت لبورقيبة علاقة وثيقة بها عندما وقفت إلى جانبه خلال إقامته في القاهرة نهاية الأربعينات من القرن الماضي ودعمت تحركاته من أجل القضية الوطنية، وظلّ وفيا لذلك الماضي حنى في أوج الصراع مع حركة الاتجاه الإسلامي في تونس، حيث صرح بورقيبة لأحد قادة الإخوان الذي زاره في تونس، بأنّه يفرق بين جماعة الإخوان وبين إسلاميي تونس أتباع الزيتونيين، الذين كان يبغضهم. وكانت وسائل الإعلام المكتوبة في تونس نقلت في أوت 1966 نص البرقية التي تلقاها الرئيس الحبيب بورقيبة من المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين في عمّان، تناشده “التدخل السريع لحقن الدماء البريئة”، وذلك بعد صدور أحكام بالإعدام في حق قادة الجماعة. ونقلت جريدة العمل، لسان الحزب الاشتراكي الدستوري، يوم 24 أوت 1966، برقية من الاتحاد القومي النسائي التونسي، برئاسة راضية الحداد، إلى عبد الناصر في هذا السياق. واللافت في نص البرقية أنّ المنظمة لم تكتف بالموقف الحقوقي المبدئي في مثل هذه القضايا السياسية بل تجاوزته إلى تعليل يكشف عن موقف غير معاد لهذا التيار الإسلامي ورموزه. وفي ما يلي نصّ البرقية التي وجهت إلى عبد الناصر: إنّ المكتب التنفيذي للاتحاد القومي النسائي التونسي المجتمع يوم 23 أوت 1966 في جلسة استثنائية: بعد الاطلاع على الأحكام الصادرة من طرف المحكمة المصرية لأمن الدولة ضد نخبة من الإخوان المسلمين ومن بينهم الكاتب سيد قطب، يستنكر بشدّة أساليب القمع والإرهاب المسلطة على الإخوان المسلمين نساء ورجالا في مصر، ويشهّر بها لدى الرأي العام العالمي والإسلامي بوجه خاص، ملفتا نظره إلى الطرق المنافية لأبسط المبادئ الإسلامية: يعتبر الحكم بالإعدام على سيد قطب ضربة موجعة ضد حرية الفكر والإصلاح في العالم العربي والإسلامي. يضمّ صوته إلى الحركات النسائية العالمية وإلى الضمائر الحرّة في العالم المنادية بالحيلولة دون تنفيذ هذه الأحكام الصادرة ضد سيد قطب وجماعة الإخوان المسلمين في مصر. تلك الأحكام المنافية للقيم الإسلامية والمبادئ الإنسانية. والمكتب التنفيذي للاتحاد القومي النسائي التونسي الشاعر بمسؤوليته في المساهمة في بناء المجتمع الإسلامي، يعتبر أنّ مثل هذه المواقف التعسفية ضد حركة غايتها العمل على توحيد المسلمين، لا تخدم الإسلام في شيء ولا تمكنه من أن يكون دين التقدم والأخوة البشرية.