أعلن الدكتور خالد عمارة، نجل المفكر المصري الإسلامي الكبير محمد عمارة، عن وفاة والده، عن عمر يناهز 89 عامًا وسيتم دفنه في قريته صروة، مركز قلين، بمحافظة “كفر الشيخ” المصرية. ولد محمد عمارة في 8 ديسمبر 1931، بقرية قلين بمحافظة كفر الشيخ بمصر، بدأ حفظ القرآن في السادسة من عمره، وحصل على الإجازة في اللغة العربية والعلوم الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1965، وحصل على الدكتوراه في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية عام 1975. كانت بدايته في العائلة اليسارية في أوائل الخمسينات غير أنه بدأ يتحوّل إلى العائلة الإسلامية في نهاية الخمسينات وهو ما انجرّ عنه اعتقاله في سنة 1958 حيث اكتشف أن حل المشكلة الاجتماعية هو في الإسلام وليس في الصراع الطبقي واليسار والماركسية، فتفرغ بعد خروجه من السجن عام 1964 للمشروع الفكري. وشغل عمارة عدة مناصب، منها عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ورئيس تحرير لمجلة الأزهر، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، كما كان عضواً باللجنة التأسيسية لدستور 2012. واتخذ المفكر الراحل مواقف مناهضة للانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس الراحل محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في البلاد حيث اعتبر آنذاك أنّ ما حدث في 3 جويلية 2013 هو “انقلاب عسكري على التحول الديمقراطي الذي فتحت أبوابه ثورة 25 جانفي 2011. ينسب عمارة نفسه إلى المدرسة الوسطية ويدعو إليها، مفسراً أنها “الوسطية الجامعة” التي “تجمع بين عناصر الحق والعدل من الأقطاب المتقابلة فتكوّن موقفا جديدا مغايرا للقطبين المختلفين ولكن المغايرة ليست تامة، فالعقلانية الإسلامية تجمع بين العقل والنقل، والإيمان الإسلامي يجمع بين الإيمان بعالم الغيب والإيمان بعالم الشهادة”. ويوضح معنى الوسطية الإسلامية بقوله إنها “تعني ضرورة وضوح الرؤية باعتبار ذلك خصيصة مهمة من خصائص الأمة الإسلامية والفكر الإسلامي، بل هي منظار للرؤية وبدونه لا يمكن أن نبصر حقيقة الإسلام، وكأنها العدسة اللامعة للنظام الإسلامي والفكرية الإسلامية، والفقه الإسلامي وتطبيقاته فقه وسطي يجمع بين الشرعية الثابتة والواقع المتغير، أو يجمع بين فقه الأحكام وبين فقه الواقع، ومن هنا فإن الله جعل وسطيتنا جعلا إلهياً”. بلغت مؤلفات عمارة نحو 200 عنوان، منطلقا من وجهة تجديدية وإحيائية، ومبشرا بمشروع حضاري نهضوي للأمة العربية والإسلامية، ومعتقدا أن الحوار بين الأديان أو الشرق والغرب ينطوي على نفاق تمليه القوة وينقصه التكافؤ، وهو إلى ذلك مجرد “حوار طرشان”. ويقول في ذلك “تجربتي مع الحوارات الدينية سلبية، لا تبعث على رجاء.. كل هذه الحوارات التي دارت وتدور بين علماء الإسلام ومفكريه وبين ممثلي كنائس النصرانية الغربية، افتقدت ولا تزال مفتقدة لأول وأبسط وأهم شرط من شروط أي حوار من الحوارات، وهو شرط الاعتراف المتبادل والقبول المشترك بين أطراف الحوار”.