فيما انشغل العالم باكتشاف سبل الوقاية من فيروس كورونا من خلال تعقيم المنازل والمدارس والجامعات وكل المراكز والادارات، لا يزال مصير مساجين تونس مجهولا والحال انّ السجون التونسية تتكدس بالاف المساجين حيث تفوق نسبة الإكتظاظ في السجون التونسية 150 بالمائة،حسب تقارير إعلامية وإحصائيات لمنظمات غير حكومية. والغريب أنّ معظم الدول العربية التي زارها الوباء لم تلتفت لحال سجناءها، وكأنهم محكومين جميعا بالاعدام تاركين مصريهم للفيروس المعدي الذي لم يتعرف العلماء الى حد الان على طبيعته وهويته ما جعل العالم يتخبّط إلى حدّ الآن في حالة من الدهشة والارتباك. وبين هذا وذاك يبدو مصير سجناء تونس مجهولا حيث اننا لم نسمع الى حد الان عن بادرة لتعقيم السجناء او توفير مساحة لفصلهم بعضا عن بعض تجنبا للعدوى ، باستثاء خطوة ايجابية قام بها رئيس الدولة التونسية قيس سعيد والذي اصدر عفوا رئاسيّا عن مئات المساجين، بهدف منع انتشار فيروس كورونا, وأصدر سعيد عفواً عن أكثر من 1800 سجين بمناسبة الذكرى ال 64 للاستقلال الذي تحتفل به تونس اليوم الجمعة، مما سيتيح الإفراج عن 670 سجيناً وتخفيف العقوبات بالنسبة للسجناء المتبقين. كما دعا الرئيس لجنة العفو الخاص إلى درس قائمة إضافية من ملفات المساجين للنظر في إمكان العفو عنهم للتخفيف من الضغط على السجون والمساهمة في الحفاظ على صحة التونسيين كافة. ورغم هذه الخطوة الايجابية التي قام بها رئيس الجمهورية، إنّ ذلك لا يقلل من خطورة الوضع التعيس للسجون التونسية، حيث اكدت عديد التقارير الدولية على تردّي منظومتي الإيقاف والسجن في تونس وعدم تلائمهما مع المنظومة القانونية التونسية والمعايير الدوليّة من حيث تواصل التعذيب وسوء المعاملة والاكتظاظ وسوء ظروف الإقامة، الأمر الذي جعل هذه السجون والمراكز غير إصلاحية بل إنها تساهم بشكل كبير في تفشي الجرائم ناهيك عن الامراض وارتفاع نسب العدوى بسبب عامل الاكتظاظ. وحتى اليوم الجمعة بلغ عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا في تونس 54 حالة مؤكّدة، فيما خضع أكثر من ثمانية آلاف شخص للحجر الصحي الذاتي، بحسب وزارة الصحة. وردّا على إمكان إطلاق سراح أعداد كبيرة من المساجين الذين لا يشكلون خطراأمنياً لتعزيز الوقاية من الفيروس، أوضحت رئيسة المرصد الوطني للأمراض الجديدة في وزارة الصحة نصاف بن علية أن “الأمر ليس في هذه المرحلة”. وقالت بن علية في تصريح اعلامي : “هناك خطة محكمة وضعت للسجون للتقصي حول المساجين الجدد وما إذا كانوا يحملون أعراض فيروس كورونا أو قدموا من مناطق موبوءة”. وأضافت بن علية، وهي عضو في خلية أزمة مواجهة فيروس كورونا: “القادة الأمنيون للسجون موجودون معنا في خلية الأزمة ونقوم بالتنسيق معاً. ليس هناك من داعٍ لتسريح المساجين”. ويناهز عدد السجناء في تونس 23 ألفا، بحسب أرقام رسمية، بينما تبلغ طاقة استيعاب السجون البالغ عددها ستة في البلاد 18 ألفاً. ويبلغ عدد المؤسسات السجنية في البلاد 34 مؤسسة، منها 6 مراكز لإيواء ودمج الأطفال الجانحين، لها طاقة استيعاب إجمالية لا تتجاوز 18 ألف سرير.