لا يزال موضوع صفقة الكمامات وما تعلق بها من شبهات فساد يتصدّر الساحة السياسية في تونس خاصة بعد الحديث عن تدخل رئيس الجمهورية قيس سعيد في المسألة. وتضاعف الاهتمام بالكمامات الواقية مع اقتراب موعد تطبيق الحجر الصحّي الموجّه، حيث من المنتظر أن يكون وضع الكمامات أحد شروط التمتّع بالتخفيف من الحظر سواء في التنقّل أو في ممارسة بعض الأنشطة. وإثر إعلان الهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية الحكومية عن الانتهاء من نتائج التحقيق الإداري حول صفقة مشبوهة من الكمامات الطبية تحدث محمد عبو وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد عن التقرير، مشيرا إلى أنّ الهيئة رصدت الكثير من الإخلالات في هذا الموضوع تتعلق أساسا بقانون المنافسة حيث تمّ خرق التراتيب لكن ليس بغاية تحقيق مكسب لأطراف دون غيرها “لأنّ المشتري العمومي هي الصيدلية المركزية وليس وزارة الصناعة… الصيدلية كانت حاضرة في اللجان ومن قاد العملية هو وزير الصناعة وتصرفه أظهره وكأنه المشتري العمومي الأمر الذي أثار الكثير من الشكوك واللغط”. وأوضح عبّو لدى حضوره بإذاعة “موزاييك” أنّ رئيس الحكومة هو من دعا في مجلس وزاري مضيق إلى حل إشكال الكمامات وتوفير 30 مليون كمامة كانت قد طلبتها وزارة الصحة وانطلقت الفكرة بتسريع الاجراءات لصنع الكمامات قبل يوم 4 ماي “لكن تسريع بعض الإجراءات من طرف وزير الصناعة مس بجملة من القواعد والتراتيب ومجلس المنافسة اعتبر ذلك اخلالا بقانون المنافسة”. وشدّد وزير الوظيفة العمومية والحوكمة على أنّه لا يمكن الحديث عن “فضيحة كمامات” أو فساد أو استفادة مادية من الصفقة “بل تمّ تجاوز الاجراءات الاعتيادية في الإدارة وعدم احترام تراتيب مست بجملة من القواعد منها المنافسة”. وأشار إلى أنّ هذه الحادثة دفعت الحكومة إلى اصدار مرسوم يعفي الصيدلية المركزية من قانون الصفقات العمومية فيما يتعلق باقتناء الادوات شبه الطبية. وتناقلت أمس الأحد صفحات مقربة من رئيس الجمهورية قيس سيعد أنباء تشير إلى أن الرئيس بصدد متابعة ملف الشبهات حول تصنيع الكمامات الواقية و المضاربات في هذا المنتوج الحسّاس. وكان رئيس الجمهورية قد ندّد في افتتاح مجلس الأمن القومي المنعقد الجمعة 17 أفريل بالمضاربات الحاصلة في بيع الكمامات. كما استنكر خلال زيارته إلى وحدة صناعية للكمامات وملابس الوقاية الطبية بالمنطقة الصناعية بالقيروان يوم الخميس 16 أفريل تعمّد بعض الجهات الترفيع في أسعار الكمامات والمضاربة فيها، والحال أنّها مادة حيويّة في الحرب ضد كورونا. يذكر أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، قد كشفت عن أكثر من 11 تبليغاً عن شبهات فساد وتضارب للمصالح في صفقة مشبوهة من الكمامات الطبية عددها مليوني كمامة، وذلك إثر الكشف عن وجود نائب برلماني تمتع بهذه الصفقة من خلال اتصال هاتفي مباشر مع وزير الصناعة، الأمر الذي جعلها تقوم بعمليات تقصٍّ كانت نتيجتها إحالة الملف إلى القضاء.