أثار مسلسل “قلب الذيب” منذ حلقته الأولى، جدلا واسعا، حيث أثارت الأخطاء التاريخية بعض النقاد والمؤرّخين الذين نبّهوا إلى عديد الأخطاء التاريخية التي لا يمكن التغاضي عنها. ورغم أن المسلسل يشير في بداية شارته إلى انّ هذا العمل درامي ولا يمتّ للواقع بصلة، إلاّ أنّ المشرفين عليه يؤكدون أنه يصور المقاومة التونسية للاستعمار الفرنسي في نهاية الأربعينات من القرن الماضي . لكن موجة الاستنكار تجاوزت المسلسل لتصل للتلفزة الوطنية التي اقتنت العمل بمبلغ ضخم يناهز المليارين، الأمر الذي جعل المؤسسة العمومية في قلب الانتقادات من قبل نشطاء وإعلاميين. وتساءل الإعلامي سمير الوافي لماذا دفعت القناة الوطنية من المال العام أكثر من مليارين على مسلسل تلفزي تكاليفه أقل كثيرا وبيع قبلها بسعر أقل فعرضت مبلغا خياليا لشرائه ! وأضاف: “المخاطرة بالمال العام في صفقة بهذا الحجم وفي ظرف صعب جدا. ومداخيل إشهارية قليلة. ودولة تحاول التقشف وتجمع التبرعات لشراء سرير إنعاش يطرح أسئلة كثيرة ومحيرة”. وتابع “القنوات الخاصة حرة في المخاطرة بأموالها…أما القنوات العمومية فهي تتصرف في مال عام…وفي وضع لا يتحمل المخاطرة حيث المستشفيات والمؤسسات تعمل بالتبرعات والقروض…!” وفي نفس السياق كتب محمد أنور العزعوزي تدوينة قال فيها: “الوطنية الأولى تدفع أكثر من مليارين من مليماتنا التونسية في مسلسل تاريخي لم يتفطن مُخرجه إلى شباك من الألمنيوم موجود ضمن ديكوره، بينما تعود الأحداث إلى زمن الاستعمار.” وأضاف: “المساءلة يجب أن تكون للتلفزة الوطنية عن إهدارها المال العام وهي التي تستحوذ على نسبة قارة في كل فاتورة كهرباء.” وعن الأخطاء التاريخية تحدث المؤرخ خالد عبيد لموقع “الشاهد”، مشيرا إلى إن كل المعطيات التاريخية التي وردت في مسلسل "قلب الذيب" خاطئة. وأضاف عبيد أن مسألة منح المقاومة الجزائرية المقاومين التونسيين السلاح للكفاح ضدّ المستعمر الفرنسي غير موجودة في التاريخ بالمرة. من جانبه نفى المؤرخ عليه الصغير أن يكون المقاومون التونسيون قد تحصلوا على السلاح من الجزائريين، بل العكس هو الذي حصل، مؤكدا أن الثورة التونسية المسلحة قد سبقت حرب التحرير الجزائرية. وبين في تصريح لموقع “الشاهد” أن الثورة التونسية المسلحة اندلعت في جانفي 1952 بينما اندلعت الثورة الجزائرية في نوفمبر 1954. وفي ما يخص توزيع الحزب للسلاح على المقاومين، قال عليه الصغير إن الحزب الحر الدستوري لم يشرف على توزيع الأسلحة ولم يتحمل مسؤولية المقاومة المسلحة رغم أن بعض أعضائه انخرطوا في المقاومة، على غرار الطاهر الأسود. بدوره تحدث أستاذ التاريخ المعاصر، عادل بن يوسف عما وصفه “بالأخطاء التاريخية الفادحة”، في المسلسل. وقال في تصريح إن أوّل خطأ يتعلقّ باللباس و”اللهجة” و”الاكسسوارات” التي تعود لفترة الستينات و لا تتماشى مع الفترة التي يوثقها العمل التاريخي ( 1948). وأوضح أن الخطأ الكارثي هو الحديث عن “المنصف باي” الذي امتدت فترة حكمه من 1942 إلى 1943 ومحاولة إرجاعه للحكم، وهو ما يحيلنا إلى وجود تضارب كبير في التواريخ، وفق قوله. كما أشار أيضا إلى أنه تم عرض صورة عصرية للأرشيف لا تتمشى مع الحقبة التاريخية التي يتحدث عنها المسلسل، إضافة إلى نوعية الأسلحة والسيارات المستخدمة. وتابع أنه كان من الأجدر الاستعانة بموثق تاريخي لتفادي مثل هذه الأخطاء. ويشارك في بطولة مسلسل قلب الذيب ، فتحي الهداوي ورؤوف بن عمر وفتحي المسلماني وعيسى حراث ودليلة المفتاحي وعزيز الجبالي وكريم الغربي، وكتبه بسام الحمراوي، الذي قام بإخراجه والمشاركة في بطولته، وإنتاج خولة سليماني.