في الذكرى 69 لانبعاثه: الحرس الوطني يجدّد العهد لحماية الوطن.. #خبر_عاجل    عاجل/ وصول جثمان الفقيد عبد القادر الذيبي إلى تونس    وزيرة الصناعة تشارك في النسخة الأولى للمعرض الإفريقي للسيارات بالجزائر    الساحة الإعلامية التونسية تودّع صاحب مسلسل ''غادة'' المخرج محمد الحاج سليمان    عاجل/ زلزال جديد يضرب أفغانستان    زيلينسكي يرفض دعوة بوتين للقاء في موسكو    غزة: 13 شهيداً منذ فجر اليوم.. والاحتلال يواصل قصف تجمعات النازحين والمساعدات    غضب وإحباط و"هدر المليارات".. البنتاغون ينتفض ضد قرار ترامب تسمية "وزارة الحرب"    عاجل/ أسطول الصمود العالمي يقترب من المياه الاقليمية التونسية    "حادث خطير" يُدخل لويس إنريكي غرفة العمليات    اليوم: الحرارة تصل 40 درجة وأمطار بعد الظهر بهذه المناطق..    سدد 21 طعنة لأمه.. شاب يرتكب "مذبحة" في حق عائلته    عاجل/ فيروس "إيبولا" يعود من جديد    كأس الكاف.. الكشف عن حكام مباريات الفرق التونسية    دوري أبطال إفريقيا.. الكشف عن حكام مقابلات الترجي والإتحاد المنستيري    وزارة الصحة تُقر خطة عملية للوقاية والكشف المبكر عن السكري..    في دورة مخصّصة لروح الفنّان الراحل عبد الرزاق الساحلي .. نابل تحتفي بالفنّ التشكيلي    حوار الأسبوع...الممثل صالح الجدي ل«الشروق» .. عقلية «البوز» غيّبت جيلا كاملا من المُمثلين    مهرجان قليبية الدولي نادي السينمائيين الهواة بقفصة ينال جائزة أفضل صورة    قفصة...35 وليّا صالحا .. أشهرهم سيدي منصور الإدريسي المغربي    بعد حجز 21 قطعة مسروقة ... ملاحقة شبكات تهريب الآثار في تونس    الساحة الإعلامية تفقد المخرج التلفزيوني الكبير محمد الحاج سليمان    العميد توفيق ديدي: لا صحّة لاختراق طائرات تجسّس إسرائيلية للأجواء التونسية    الجزائر: وزير التجارة يفتتح فعاليات المشاركة التونسية في معرض التجارة البينية الافريقية    عاجل/ ارتفاع احتياطي العملة الصعبة    عاجل/ إقرار هذه الإجراءات للحدّ من العنف في الملاعب    عاجل/ أسطول الصمود يوجّه نداء الى الجماهير الرياضية ومجموعات "الالتراس"    بيانات "بي هاش للتأمين" تظهر ربحا صافيا بنحو 1ر3 مليون دينار خلال النصف الأول من 2025    مقتل تونسي في فرنسا: الخارجية التونسية تستقبل عائلته وتسهّل إجراءات نقل الجثمان    تراجع طفيف في نسبة التضخّم خلال شهر أوت.. #خبر_عاجل    الليلة: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    التوانسة على موعد مع برد محلي وأجواء صحو في الليل بعد يوم حار    الترجي والنادي الإفريقي في موجهات كبيرة في كرة اليد ، شوف التوقيت والمنافسين    بهذه الولاية: بينها أسماك مُتعفّنة..حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك    حركة القيمين وانتداب المديرين والنظار: جامعة القيمين ترفض "تفرّد" وزارة التربية    المرصد التونسي للمياه: تسجيل 267 انقطاعا غير معلن واضطرابا في توزيع المياه على مستوى الجمهورية خلال شهر أوت 2025    زغوان: 93 زيارة تفقد صحي تسفر عن حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك واصدار تنابيه كتابية    ياسين القايدي يمثل نقابة الصحفيين التونسيين في "أسطول الصمود المغاربي"    تصفيات كأس العالم 2026 : المنتخب التونسي يعمّق الفارق في الصدارة بعد فوز مالاوي على ناميبيا 2-1    عاجل/ تقلّص الإصابات بفيروس إلتهاب القصيبات الهوائية لدى الرضع بصفاقس    تنبيه هام..توقّف جولان الخط ت.ح.م بين محطتي "خير الدين" و "المرسى الشاطئ"    وزارة المرأة: انطلاق التسجيل برياض الأطفال العمومية الدامجة للسنة التربوية 2026-2025    عاجل/ الاحتفاظ بشخص انتحل صفة والي سابق..وهذه التفاصيل..    ٍسبالينكا تتغلب على بيغولا وتبلغ نهائي بطولة أمريكا المفتوحة    مأساة فلسطينية صادمة: القصة الحقيقية وراء فيلم ''صوت هند رجب''    أسنان الأطفال تتغيّر! مهمة صعبة؟...إليك الطريقة الصحيحة للتعامل معها    تونس تشارك في مهرجان"بهولنج" الدولي للمسرح بالهند    المنستير: وفاة طفلين وإصابة والدهما في حادث مرور أليم بسيدي بنور    تصفيات مونديال 2026 (أفريقيا) – ليبيا تُنعش آمالها بالفوز على أنغولا والرأس الأخضر يتصدّر    الكواكب تدعو للحذر والجرأة... ماذا يخبّئ لك برجك اليوم؟    عاجل: دولة عربية تعيش خسوفا للقمر لأكثر من 5 ساعات...التفاصيل    الجبابلي ينفي تصريحات منسوبة إليه بخصوص أخطر عملية حجز مخدّرات    عاجل: انفراج أزمة الأدوية بداية من الأسبوع القادم    فتح باب التسجيل في قسم "قرطاج السينما الواعدة ضمن أيام قرطاج السينمائية"    أحبّ الأفعال إلى الرسول الكريم    تحسين الخدمات للوافدين الصينيين    خطبة الجمعة..في ذكرى مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام.. كيف نحب هذا النبي؟    مهرجان البندقية: 24 دقيقة من التصفيق لفيلم "صوت هند رجَب" لكوثر بن هنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلسل "قلب الذيب".... والجهل بالتاريخ
نشر في الشروق يوم 26 - 04 - 2020

تضمٌن مسلسل "قلب الذيب" في حلقتيه الأولى والثانية أخطاء تاريخية واضحة وقد كتب المؤرخ المتخصٌص في التاريخ المعاصر الدكتور عميرة علية الصغير مقالا وضحّ فيه هذه الأخطاء الفادحة .
وهذا نص مقاله"
"قلب الذيب" او الجهل بالتاريخ
التونسيون في دعم الجزائريين في حرب التحرير
إنّ القضية الجزائرية طيلة حرب التحرير (1954-1962) كانت حاضرة وفاعلة في حياة التونسيين كمجتمع وكدولة بحكم التّاريخ والجغرافيا حيث أنّ الجزائر وتونس بلدان متجاوران -كما هو معلوم- ولا تفصلهما أي حواجز طبيعيّة والعلاقات التاريخية والبشرية والسكانية بينهما أقدم من الاستعمار وهي كذلك معروفة لذاك كانت تونس فعلا قاعدة خلفيّة للثورة الجزائرية وهذا ما تثبته المصادر الأرشيفية الفرنسية والجزائرية وعديد الكتابات وشهادات المقاومين والدّبلوماسيّين التي كنّا أوّل من استغلها وبتواضع وأوّل من كتب فيها كذلك.
وقد أثبتنا في بحوثنا هذه أنّ دعم التونسيين للثورة الجزائرية كان على المستوى الشعبي والرسمي ففي المستوى الأول كان هناك فيض تضامني مع المقاومة الجزائرية ومساهمة فعلية في أحداثها الحربية إذ منذ قبل حتى أن يضع "الثوار" التونسيون أسلحتهم في ديسمبر 1954 هبّ المئات منهم من تلقاء ذاتهم أو بإيحاء من قيادة الحزب الحرّ الدستوري الجديد لنصرة الثورة في الجزائر وكان أشهر الملتحقين بها القائدين الطاهر لسود ولزهر الشرايطي كما كان الالتحام المقاوم بين مجاهدي البلدين في ما سمّيناه "زمن العصابات المشتركة" أي في إطار "الثورة الثانية" و "جيش تحرير المغرب العربي" بدفع وإشراف من صالح بن يوسف وقيادة ميدانية من الطاهر لسود حيث تكوّنت أكثر من 20 "عصابة" على كامل الحدود الجزائرية التونسية وخاصة في الوسط والجنوب تناوش القوات الفرنسية وتتعرّض لمن تعتبرهم خونة وعملاء لفرنسا. وكان أكبر دعم لهذه المقاومة التلقائية التي دامت من أواخر 1955 حتى صائفة 1957 تقريبا هو تسريب السّلاح لثوّار الجزائر عبر شبكة تنطلق من طرابلس مرورا بالحدود الجنوبية وحامة قابس وجبال قفصة نحو جبال الأوراس والنمامشة.
تجلّى كذلك التضامن مع الجزائريين في المستوى الشعبي إضافة للتعبير عن المساندة وحضور مختلف التظاهرات الداعمة في الإسهام بالتبرّعات وخاصة في احتضان أكثر من 140 ألف لاجئ جزائري الكثير منهم آوتهم العائلات التونسية أو رعتهم الدولة التونسية ومساهمة مختلف المنظمات القومية في ذلك الجهد المساند ونذكر هنا خاصة نشاط الطلبة في الإتحاد العام لطلبة تونس ودور الإتحاد العام التونسي للشغل في بعث "الاتحاد العام للعمّال الجزائريين" وخاصة التعريف بالقضيّة الجزائرية والدّفاع عنها في المحافل الدّولية ولدى السيزل والمكتب الدولي للشغل. وقد أسهم كذلك المهاجرون التونسيون خاصة في فرنسا من عمّال وطلبة في دعم المقاومة الجزائرية وتعرّض الكثير منهم للتّتبعات وحتى السّجن لتقديم أموال أو سند لوجستي "لرفاق النّضال".
أمّا على المستوى الرّسمي وعلى عكس ما تروّجه بعض الكتابات وما يشيعه "قدماء اليوسفيّين" من أنّ بورقيبة "خان الثورة الجزائرية" أو "خذلها" ثبت لنا أن الدّولة التونسية الناشئة ليس فقط وقفت مع الثورة الجزائرية بل دعّمتها وساهمت في جهد المقاومة المسلحة ودفعت بالقضيّة الجزائرية وفرضت تدويلها بقدر جهدها. لكن العلاقات بين بورقيبة وقيادة جبهة التحرير الجزائرية لم تخل فعلا من فترات تأزّم خاصة وأنّ الحكومة التونسية كانت طيلة فترة الثورة الجزائرية بين المطرقة والسّندان، بين واجب دعم شعب شقيق يقاوم الاستعمار وواجب دولة في حاجة أن تبسط سيادتها على كلّ أراضيها وتضمن الأمن فيها خاصة وأنّ عناصر جبهة التحرير والعديد من وحدات جيش التحرير الجزائري كانت تتصرّف في البلاد(في المناطق الحدودية خاصة) وكأنها في "أرض مفتوحة" ثم تحت ضغط فرنسا التي لم تقبل بموقف تونس هذه الدولة الناشئة والتي لا تزال تحت رحمتها وفي حاجة للإعانة المالية والفنّية منها. ثم أنّ حكم بورقيبة ذاته كانت تتهدّده حتى 1962 أخطار داخلية من انعدام الأمن وتدهور الوضع الاجتماعي وفلول المعارضة اليوسفية التي لا تخفي عناصر قيادية جزائرية تعاطفها معها (بوصوف، بن خدة، دبّاغين...) وأخطار أخرى خارجيّة آتية من المغالين من الاستعماريّين الفرنسيين من السّياسيين أو العسكريين الذين كانوا ينوون "العودة إلى الوراء" وبسط السّلطة الفرنسية من جديد على تونس لضرب الخطر الذي يهدّد الوجود الفرنسي بالمغرب وإطفاء لهيب المقاومة التي كانت تجتاحه.
لذا كان بورقيبة في تعامله مع الثورة الجزائرية يحاول أن يأخذ بكل هذه المعادلات الصّعبة ويعمل إلى جرّ القيادة الجزائرية إلى تبنّي سياسته التي تقوم على مبدإ "خذ وطالب" والمرحليّة لبلوغ الهدف لكنّ ليّ ذراع "ثوار الجزائر" لم يكن هيّنا خاصة وأنّ عساكر جيش التّحرير كان يناهز عددهم في تونس لوحدها ثمانية آلاف مقابل بضعة آلاف في جيش تونس والذي لم يتكوّن إلاّ في جوان 1956 إضافة للدّعم السّياسي والإعلامي الذي كان يلقاه الجزائريون من جمال عبد الناصر والصورة التي كان يبثها إعلامه وتردّدها كذلك المعارضة اليوسفية (صالح بن يوسف لم يغتل إلا في 11 أوت 1961) من "خيانة بورقيبة" و "عمالته للاستعمار" والتي كان لها وقعها في الرأي العام التونسي.
على كلّ وصل بنا البحث في العلاقة بين الطرفين إلى أنّ نظام بورقيبة وعلى مستوى رسميّ قد وفّى المقاومة الجزائرية حقّها في التضامن مع "شعب شقيق" إذ سمحت الدّولة الناشئة – وإن كانت مغصوبة على أمرها في الأول- أن تتحوّل تونس إلى قاعدة خلفيّة لجيش التحرير الجزائري ومركز قيادته بغار الدماء وتمكينه من مراكز التّدريب والتّعليم والاستشفاء وجمع التبّرعات والتنقل بسهولة وحتى القيام -في السنوات الأولى- بضربات سريعة في التراب الجزائري ضدّ القوات الفرنسية.
وكانت أكبر خدمة قدّمتها الدّولة في تونس للثورة الجزائرية هي السّماح بتسريب الأسلحة القادمة من الشرق (من مصر أساسا) أو "الدول الصّديقة" (أوربا الشرقية) أو المهرّبة إلى الوحدات المقاومة في الجزائر عبر الحدود التونسية وأحيانا في شاحنات الجيش والحرس الوطنيين. إذ يقدّر دارسو التاريخ العسكري للحرب في الجزائر أنّ 80% من الأسلحة التي دخلت الجزائر مرّت بتونس. وفعلا خوفا من سقوط الأسلحة في يد أعداء النّظام أو أن تصبح تعلّة ضدّه من الفرنسيين وقع اتفاق بين القيادة التونسية والقيادة الجزائرية على تنظيم تهريب الأسلحة وكلّف المناضل أحمد التليلي بهذه المهمّة مع الملاحظ أنّ بعض السّفارات وخاصة سفارة تونس في روما كانت أيضا مخبأ لأسلحة جبهة التحرير.
وفي المستوى السّياسي كان دعم المقاومة الجزائرية جليّا كذلك إذ كان القادة الجزائريون وقبل حتى الهيكلة في مؤتمر الصّومام (20 أوت-19 سبتمبر 1956) وإنشاء "لجنة التنسيق والتنفيذ" (C.E.E) يتمتّعون بالصّفة الدبلوماسية في تونس التي أصبحت "عاصمة الثورة الجزائرية" بانتقال الحكومة المؤقتة الجزائرية إليها في نوفمبر 1958 واعتراف الحكومة التونسية بها (20 سبتمبر 1958) رغم تهديد الحكومة الفرنسية إضافة للدّعم الإعلامي بفتح "إذاعة صوت الجزائر الشقيقة العربية" (جويلية 1956) والسّماح بصدور جريدة الثورة "المجاهد" بتونس منذ 1957 والدّعم في الصحف الوطنية. وكانت أحداث ساقية سيدي يوسف (8 فيفري 1958) فرصة للدّبلوماسية التونسية لفرض تدويل القضية الجزائرية وساهمت في تحويل الموقف الأمريكي تجاه هذه القضية نحو تفهّم أكبر.
لكن في المقابل إن دفع التونسيون غاليا دعمهم للثورة في الجزائر (ضحايا كثيرين وتعدّيات وإهانات في حق سكّان الحدود خاصة من الجيش الفرنسي وحتى الجزائري)، وصعّبت عليهم مهمّة استتمام سيادتهم على وطنهم بتعقيد العلاقات مع فرنسا فإن الثورة في الجزائر عجّلت بمنح تونس استقلالها التام في 20 مارس 1956 وإنّ مجاهدي "الثورة الثانية" من التونسيين الذين قاموا في خضمّها لهم "فضلهم" التاريخي في ذلك أيضا."
الأستاذ عميره عليّه الصغيّر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.