كشف التقرير الذي اعدته هيئة الرقابة الإدارية والمالية لسنتي 2011/2012 و الذي سلّم رئيس الهيئة غازي الجريبي نسخة منه لكلّ من رئيسي الجمهورية والحكومة. وأكد الجريبي في تصريح صحفي يوم أمس مفاده وجود العديد من الاخلالات والتجاوزات التي تسببت في اهدار المال العام وفق تقرير الهيئة. و قد اعدت الهيئة دراسة شاملة لعشرين سنة من نشاطها للفترة الممتدّة من 1993 إلى2012 هذا وقد ابرز التقرير معدّل أن نسب الإصلاح تجاوزت 85 بالمائة . فقد كشف التقرير عن نقائص كبرى على مستوى الرقابة العامة للمصالح العمومية و المصالح المعنية بالتصرف الإداري و المالي لوزارة الداخلية و عدد من الهياكل المتداخلة من معتمديات ولايات والبلديات التي تخضع لوزارة الداخلية . و قد خضعت التقرير المالية الممتدة من سنة 1998 الى سنة 2012 لعملية تدقيق و مراجعة شاملة وكشفت هذه العملية عن عمليات استيلاء كبيرة تورط فيها أحد اعوان الوزراء الذي اختلس ما قيمته 8 ملايين دينار وقام المعني بالامر بتسوية 2.2 مليون دينار منها. وشدد التقرير على الخروقات الكبيرة في التصرف و خاصة في نفقات التغذية و عدم احترام الإجراءات المتبعة. كما أشار التقرير الى عمليات الاستغلال للصفات والنفوذ من قبل اعوان الوزارة كل حسب موقعة ، لمساعدة العون المتورط في الاختلاس والاستيلاء على المال العمومي و قد تقاضى هؤلاء الاعوان مقابل مادي لسكوتهم وتسترهم على هذه التجاوزات ،بلغ مجموع الرشاوي في هذه القضية 3.6 مليون دينار، وقد تم إحالة الشبكة المتورطة في عملية الفساد هذه على القضاء. و اقر التقرير بوجود عدد من التجاوزات و الاخطاء الاجرائية قام بها العون المستولي على الاموال عمومية ببصفته وكيلا للمدفوعات وذلك في الفترة الممتدةبين 2000و 2010 بمبلغ اجمالي فاق 2.466 مليون دينار،و كذالك تورط عونين اخرين و هما امري صرف نظر إمضائها على وثائق تسديد نفقات دون التثبت منها ، فقد مكانا وكيل الدفوعات من الاستيلاء على المبالغ المذكورة . وعلى مستوى التسبقات المسندة بعنوان "وكالات الدفوعات"، تمثّلت النقائص والإخلالات المتعلّقة بعدم احترام الإجراءات بالخصوص، في إحداث 34 وكالة دفوعات وقتيّة بإسم العون المعني بالأمر، بلغت قيمة التسبقات المسندة بعنوانها 2,271 مليون دينارا، وعدم توفّر بعض الوثائق والمستندات المحاسبية المثبتة لبعض النفقات، وغياب إجراءات خصوصية للتصرّف في هذه الوكالات رغم أهمّيتها، ومصادقة المدير العام وكاهية المدير بالإدارة العامّة للشؤون الإدارية والماليّة على وثائق صرف تتضمّن عديد الإخلالات، كتجاوز مبالغ بعض الفاتورات قيمة التسبقة المسندة للوكيل وتقديمه لعدد 6 فاتورات للخلاص مرتين. وبيّن التقرير إلى أنّ عدد من الأخطاء والتجاوزات التي ترتّبت عنها مسؤوليات تدخل تحت طائلة الفصلين 96 و 172 من المجلّة الجزائيّة، يتحمّلها العون المذكور بصفته وكيلا للدفوعات الذي استغلّ صفته للاستيلاء خلال الفترة المتراوحة بين سنتي 2000 و2010 على أموال عموميّة بمبلغ جملي فاق 2,466 م.د ، وكذلك الشأن بالنسبة لعونين آخرين، بصفتهما آمري صرف، نظرا لإمضائهما على وثائق تسديد نفقات دون التثبت منها، ممّا مكّن وكيل الدفوعات من الاستيلاء على المبالغ المشار إليها. وقد تبيّن من الردّ الوارد على الهيئة تولّي المصالح المعنية بوزارة الداخلية، اتخاذ عدد من تدابير الإصلاح والتدارك تمّ من خلالها بالخصوص تعيين وكيلي دفوعات جديدين ليست لهما صلاحيات آمري صرف، وغلق الوكالات الوقتية مباشرة بعد انتهاء موجباتها وإرجاع فواضل التسبقة إلى الخزينة العامة للبلاد التونسية، والتنسيق مع المركز الوطني للإعلامية لإدخال بعض الإصلاحات على منظومة "أدب" للتصرّف في ميزانية الدولة. وتمّت الإفادة بتكوين لجنة مشتركة مع الإدارة العامة للمحاسبة العمومية لتدارس الإشكاليات، وتحسين طرق التصرّف في وكالات الدفوعات وتدعيم الإطار البشري وتنقيح هيكلة إدارة المالية والحسابية بالوزارة لتتلاءم مع أهمّية نشاطها.