على إثر صدور الكتاب الأسود لمنظومة الدعاية تحت حكم بن علي ، لازم عدد كبير ممن وردت أسماؤهم به من صحفيين ، ومثقفين وجامعيين الصمت حياء ، وخجلا ، من ماض أليم كان خلاله الشعب يتجرع ويلات الدكتاتورية ، في حين كانوا يتجرعون كؤوس النبيذ على موائد الفساد ، والعمولات ، ويتمتعون بالسفرات ، والأموال ، والأراضي ، والامتيازات … بينما اتخذت فئة أخرى من بينها ألفة يوسف ولطفي العماري أسلوبا آخر للتعاطي مع الفضيحة التي لحقتهم ، يتمثل في الهروب إلى الأمام ، وإطلاق سيل من السب والشتم والتهكم على صاحب الكتاب الدكتور محمد المنصف المرزوقي ، وذهبت بهم الرداءة والعزة بالإثم حد مديح المخلوع ، وتمجيده ( ألفة يوسف ) والثناء على إنجازاته ( لطفي العماري ) . العماري ، الذي اعتذر بعد الثورة للتونسيين عوضا عن زملائه ، الذين انخرطوا في الصمت على فضاعات نظام المخلوع ، تراجع هذه المرة عن الاعتذار ، وكتب رسالة انفجر فيها غضبا على صاحب الكتاب الذي ورد واضحا وصريحا في حقه ، وعرى حقائق رئيس تحرير صحيفة حقائق ، صاحب الزي الأسود خلال إطلالته الأسبوعية على قناة حنبعل والتي بدا من خلالها أكثر الناس حرصا على الثورة ، وأشد الناس ثورية و نقدا لحكومة الترويكا وسياساتها . و ورود اسم صاحب الكسوة السوداء ضمن الكتاب الأسود فجر لديه غضبا أسود وكشف عن حقد أسود تجاه صاحب الكتاب جعله يكتب رسالة سوداء ، في مضامينها ، وفي حججها ، وفي وضاعة السب والشتم الذي ورد بها . وفي مايلي نص الرسالة التي نشرها لطفي العماري : -إلى محمد المنصف المرزوقي: تاريخي الأبيض في كتابك الأسود بقلم لطفي العماري عندما اخترنا أن نبقى هنا في تونس لنحمي الوطن..هرب أغلبية أزلام النضال السابق للخارج ليتاجر بعضهم بمآسي الوطن…و عند سقوط بن علي…سارع هؤلاء بقبض الثمن.لقد كتبت و ثمنت إنجازات بن علي و لست نادما على ذلك…بل أعمى من ينكرها حتى الآن…كما تجرأت و انتقدت ما حصل من انحرافات انتهت بنا إلى أتعس الثورات… و لهذا لم و لن أدّعي لحظة واحدة أنني مناضل… فضلا عن أن ادعى الثورية أصلا. كان كل ما طالبت به هو إيقاف الفساد و إطلاق شيء من الحريات و بقية المطالب تركتها لكبار المناضلين و المناضلات…و هنا أحيّ الوطنيين منهم…و رغم هذا يعلم الجميع أنى عوقبت بالطرد ثلاث سنوات مع إدراجي في القائمة السوداء لنظام بن على. ولكن ما شرّفنى حقا الآن هو وضعي في القائمة السوداء لأني رفضت الانضمام للقائمة الزرقاء و أي تفسير غير هذا هراء و افتراء.عادى و متوقع إذن أن أتواجد في الكتاب الأسود لهذا العهد الأسود…و سأتشرف بأن أودع في أي قائمة أخرى يلفقها كل من يريد إطفاء نور الحقيقة لسرقة الوطن مادمتُ مصرا على أن أظل شوكة في حلق كل من ينتوى السطو على الوطن…أعود لما جاء في الكتاب الأسود…و أؤكد أنهم ولحشر إسمي فيه، قد تعبوا كثيرا و هم يفتّشون عما يُدينني في قوائم المُوسّمين أو المتوَّجين أو المكرّمين أو القابضين ولو مليما واحدا و من أي جهة كانت..تماما كما لم يجدونى ضمن من حصلوا على قطعة أرض أو أي امتياز آخر…و عندما يئسوا من البحث و التفتيش لفّقوا لى تهما قذرة قذارة ممارساتهم و في هذا سيكون القضاء بيننا.أمّا عن تهجّمى على بعض الحقوقيين من شاكلة المرزوقى.. فهذه شهادة تحسب لي وليس ضدي و ها هي ممارساتهم في السلطة تؤكد ذلك و تبيّن بالكاشف أنهم من فصيلة العقوقيين لمبادئهم…و عملية بيع البغدادى المحمودى فى واحدة من أقذر الصفقات يعرفها المرزوقى و أزلامه جيدا…تماما كما يعرفون خفايا سجن سليم بقة…أصدق أصدقاء المرزوقي *سنوات الجمر* بباريس… و ذلك حتى يمنعوه من العودة لفرنسا و فضحهم هناك…أعود لما يخصّني فأقول : مقال واحد أعتذر عنه و بدون عقد و هو الذي كتبته عن حسن نية عن أحداث الحوض المنجمي مع تهاطل الوعود آنذاك بالانجازات لست مسؤولا عن عدم تنفيذها مع أن لا شيء يثبت أن حالة أهالي الحوض المنجمي اليوم أفضل مما كانت عليه زمن بن علي.ما عدا هذا.. أتحدى المرزوقي و من معه أن يأتوني بأي دليل على أني تقاضيت أي جزاء مهما كان نوعه و من أي جهة كانت بل و أطالبهم إن كانت لهم ذرة رجولة واحدة بان يكشفوا كل الأرشيف الإعلامي و السياسي لوزارة الداخلية، لكنهم أعجز و أجبن من أن يفعلوا ذلك لأسباب معلومة.لقد دافعت عن وطني و اجتهدت في ذلك…و قد أكون أخطأت.. لكنى أبدا لم أمد يدي لمليم واحد من أموال الشعب و لهذا سأظل مقتنعا و ملتزما بكل كلمة قلتها أو كتبتها..بل إني لو كنت مدركا لما ستلحقونه بالبلاد من دمار وخراب حال استلامكم السلطة لكنت في منتهى الشراسة ضدكم و ضد أمثالكم ممّن ابتلينا بهم باسم الثورة ثم أصابهم الخرس المُميت بعدها رغم أن حالة البلاد قد أضحت أخطر ألف مرة مما كانت عليه تحت بن علي…ربما لأن تعليمات السفارات و شيوخ البترودولار صدرت بانتهاء المهمات…لهذا فقط علينا أن نعتذر لعائلات الشهداء الذين صعدت أنت ومن معك للكراسي على جثثهم الطاهرة و لكل الشعب المسكين لأننا لم نحمي وطننا بالقدر الكافي منك ومن أمثالك من مجاذيب السياسة…سيدي صاحب الكتاب الأسود …عبثا تحاول أنت و من يقف وراءك إجبارنا على الركوع و الخنوع حتى يتسنى لكم تهديم ما بناه أسيادكم على امتداد عقود من الزمن…و إذا كانت تهمتنا حماية تونس من طاعونكم الذي بدأ ينهشها فهذه تهمة تشرّفنا أما عن تلميع صورة من يخدمها فهذا يبقى أفضل ألف مرّة من الركوع لمن هو بصدد بيعها لأسياده في قطر…سيدي صاحب الكتاب الأسود و أكررها باعتباره إنجازك الوحيد: كتبت كتابك و أنت ترفل في قصر بن علي و تنعم بكل وقاحة بكل ما كان له من امتيازات طالما آخذته عليها زمن تعففك النضالي، أما أنا فأخط لك هذه الكلمات و أنا تحت التهديد بالاغتيال و هذا ما لم نعشه في عهد الدكتاتور بل في عهد الدكتور الذي يبلع لسانه كلما اغتيل أشرف شرفاء هذا الوطن.أخيرا..سيدي صاحب الكتاب الأسود: الذي كنت لا أحترمه و صرت الآن أحتقره…أذكّرك بأنه إذا كان القانون لا يحمى المغفلين فانه.. و يا للمفارقة..يحمي المجانين، لكنّى سأحاكمك رغم ذلك…حتى نُخلّص تونس و التونسيين من براثن عصابات المعتوهين والمفسدين.عاشت تونس الخضراء.. و لا عاش من خانهالطفي هرماسي