لعل الزلزال الذي ضرب اليسار التونسي منذ أكتوبر 2011 كان اقوي من جميع العواصف التي اجتاحته منذ ستينات القرن الماضي ، فيسار ما بعد الانتخابات تخلص نهائيا من "يساريته" وانخرط في اكبر موجة انتهازية هزت الساحة السياسية التونسية منذ نشأتها المعاصرة . المناضلة الحقوقية اليسارية سهام بن سدرين كانت ضحية لهذا الزلزال المدمر الذي أتى على مبادئ ماركس ولينين وجيفارا وتروتسكي وماو وغيرهم من اساسها فقوضها وأحالها الى ركام ، بن سدرين رفضت الانقلاب الشامل الذي أصاب منظومة اليسار التونسي والرياح التي احتملته والقت به في باحة التجمع الدستوري وساقت مناضليه الى عتبات رجال بن علي وبالحسن وما لف لفهما ، لقد وصل أمر الاعتداء على بن سدرين من طرف اليسار الى تكرار نفس صورة الاعتداء عليها من قبل المنظومة السابقة الفرق الوحيد ان بن علي اعتدى على بن سدرين وهو في السلطة ويملك القوة الباطشة واليسار اعتدى عليها وهو في المعارضة الهزيلة التي خذلتها الصناديق ، حالة من الكره الغريب والغير مبرر تحملها بعض الشخصيات اليسارية ضد هذه السيدة فقد حسموا في أمرها وصنفوها ضمن المغضوب عليهم ورفضوا محاكمتها وفق المبادئ التاريخية لليسار وأصروا على محاكمتها وفق التزاوج الشاذ بين التجمع ويسار ما بعد "مصيبة" 23 اكتوبر ، تدفع بن سدرين هذه الأيام ضريبة إصرارها على اعتبار ماوقع يوم 14 جانفي ثورة وعلى ان التجمع عصابة وان كمال لطيف راس منظومة الفساد في البلاد ، لقد اشترى لطيف بعض أشباه الرجال اولائك الذين شواربهم اطول من مبادئهم لكنه فشل في اصطياد هذه السيدة بعد ان جرب معها اعلى درجات الترغيب واخطر درجات الترهيب . هذه السيدة والى جانب العداء المستفحل الذي وجدته من معسكر اليسار المتحول من خنادق البروليتاريا الى فنادق البورجوازية جوبهت بحالة برود كبيرة ومحيرة من طرف الترويكا التي كانت استعانت بالديماسي والنابلي والصيد وبحرون ..ولم نسمع عن مفاوضات او اتصالات ببن سدرين وكان الأجدر ان يتم الفرز في هذه المرحلة وفق الأجندة الثورية وليس غيرها ، ومها تكن خلافاتها مع طاقم الترويكا فان تجاهل بن سدرين في مناصب وزارية او ادارية عليا والعزوف عن الاستعانة بها وإشراكها في إدارة المرحلة الانتقالية مقابل تنصيب العباسي على راس الدولة واستحداث منصب يفوق منصب الرؤساء الثلاثة وجميع المؤسسات السيادية بما فيها مؤسسة المجلس الوطني التاسيسي واستدعاء رجل بورقيبة وبن علي في هذا السن المقدمة لهندسة مستقبل تونس، هذا الأمر من شانه توسيع الهوة بين الترويكا والدعم الشعبي الذي يفترض ان تهرع اليه عند شروع الدولة العميقة في تنفيذ انقلابها المتوقع والذي يبدو اقرب مما تتصور الشرعية الغافلة. نصرالدين السويلمي