ما هذه القنوات "الهابطة" ؟؟ هكذا تداولتها الكتابات على شبكة التواصل الإجتماعي وهي تكيل السباب وأوصاف الفحش والفجور والشنار والعار الذي خلفته القنوات العمومية والخاصة وهي "تحتفل برأس السنة الميلادية سمّوها سفها أدارية". وقد أعفيت نفسي من مشاهدتها لأنني أعرف مسبقا أنها سوف توغل في الإسفاف كعادتها ولكن عجبي من قوم تعجبوا من هذا السلوك المشين والتمشي المنحط ،وكأن تلكم القنوات كانت تقدّم دروسا في الفقه السياسي والأخلاقي وتنشر الثقافة الملتزمة باهداف الثورة وتقدم برامج توعوية !! هل نسي الغيورون -على حسن نيّاتهم- أن هذه القنوات لم تغيّر من إهابها وترمي به جانبا بحكم موتها السريري لأنها تحمل في أحشائها السمّ الزعاف الذي تشرّبته من وليّ نعمتها بتوجيه من شبه الشبه من المثقفين التّ..ق..دّمِ..يّ..ينَ الذين قاموا بدور السحرة، ولكنهم لم يؤمنوا باهداف الثورة ولا رحّبوا بها وقد أصبحوا بقدرة قادر ثوريين وصاروا يتجولون من قناة إلى قناة يعطون "دروسا غيفاريّة" للشعب المسحوق. وفي المقابل تلحظ سدنة المخلوع من الإعلاميين الذين قدموا له ضروب الولاء والطاعة يفرشون لهم السجاد الأحمر، حتى صار الناس يحفطون أسماء بعضهم أكثر من أسماء أبنائهم وذراريهم بله بعض المشهورين من الرياضيين وشبه الفنانين . والسؤال المطروح هو إلى متى يواصل هؤلاء الناس الضحك على الذقون ؟ لماذا كل هذا الصمت من القائمين على شؤون البلاد والعباد إزاء هذا الإنحطاط ؟ ألا يحق لنا أن نسأل :أي إعلام نريد؟ هل هو الإعلام الذي يستبله المواطن الذي يدفع من جيبه فاتورته من عرقه وعلى حساب قوت عياله؟ أم هو الإعلام الذي يخدم الوطن والمواطن ويطرح قضاياه ويقدّم له مادة تثقيفية غير مبتذلة ؟؟ لقد كان الإعلام في عهد ماقبل الثورة يسبّح بحمد الحاكم ،وأصبح الآن بعد الثورة المجيدة يمثل قاعدة ديماغوجية للثورة المضادة وأعوان الدولة العميقة . هل من قومة إعلامية تدفع عنها السقوط في السفساف من الأمور وتبعد عنها التحامل على الشرفاء من الوطنيين وتنزع عنها الرؤية الغامضة التي تشوبها شوائب النفاق والتزلف والسقوط في الإبتذال حتى تحيلها إلى نظرة بهيميّة حمقاء؟؟ أملنا في شباب الثورة الذي تحمّل عبء مقومات قيامها في أن يرسي سياسة إعلامية بديلة وطنية فاعلة تحافظ على مكتسبات الثورة والديمقراطية الناشئة …سياسة، الجدّية أسّها، والمهنيّة جوهرها ، وبدون تلك السياسة الإعلامية ستغرق البلاد في كومة من التراخيص الإعلامية، همّ أصحابها الوحيد، إبراز بطاقاتهم "المهنية" عند نقاط التفتيش؛ لأنهم لا يملكون رخص القيادة… مرّة أخرى أي إعلام نريد؟