بداية من غرة جويلية القادم تطبيق العقوبات الخاصة بنظام الفوترة الالكترونية    سلامة مرورية : الاتفاق على تركيز رادارات آلية بالنقاط السوداء التابعة لولاية تونس    توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    نتنياهو: '' شكرا للرئيس ترامب''    قبل الضربة الأمريكية.. نقل اليورانيوم عالي التخصيب من فوردو    كاس العالم للاندية - مبابي يغيب عن التدريبات مجددا وقد لا يشارك أمام باتشوكا    أوفيدو يعود إلى "الليغا" بعد 24 عاماً من الغياب    باكالوريا 2025: 104 مترشحًا فرديًا نجحوا.. و3.93٪ أعلى نسبة في شعبة الآداب    محرز الغنوشي: منشفتك وباراسولك.. والبحر ينادي!    انطلاق دورة المراقبة لامتحان البكالوريا...في هذا التاريخ    باكالوريا 2025: 104 مترشّحًا فرديًا ينجحون في الدورة الرئيسية وشعبة الآداب تتصدّر    إيران تستخدم صاروخ "خيبر" لأول مرة في ضرب إسرائيل    بلدية مدينة تونس: تواصل اشغال الصيانة بعديد المناطق التابعة لها    عاجل: ترامب يعلن ضرب 3 منشآت نووية إيرانية ويهدد بالمزيد    الرقبي 7 – كأس الأمم الإفريقية بموريشيوس 2025: فوز لتونس في الدور الثاني    القيروان: وفاة أب بعد سماعه خبر نجاح ابنته في الباكالوريا    ارتفاع طفيف في درجات الحرارة الأحد لتتراوح بين 29 و38 درجة    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    إيران: لا تلوث إشعاعي بعد القصف الأمريكي على منشآت نووية    كأس العالم للاندية.. فلومينينسي البرازيلي ينتصر على أولسان الكوري الجنوبي    ترامب يوجه خطابا للأمة والعالم بعد قصف منشآت إيران النووية    التلفزيون الإيراني: تم إخلاء المنشآت النووية الثلاث في نطنز وفوردو وأصفهان منذ فترة    بعد إطلاق سراحه من سجن أمريكي.. الناشط محمود خليل يتعهد باستئناف تأييده للفلسطينيين    وزارة الفلاحة تحذّر    شارع الفل ببن عروس.. خزنة توزيع الكهرباء خطر محدّق؟    منظمة الأطباء الشبان ترد على بيان وزارة الصحة: ''مطالبنا حقوق.. لا إنجازات''    قصور الساف .. «حكايات القهوة» بدار الثقافة البشير بن سلامة .. سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون .. صابر الرباعي في الافتتاح وغزّة حاضرة    صيحة فزع    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    أنس جابر تغادر بطولة برلين في الزوجي والفردي    استخدام المروحة ''عكس المتوقع'': الطريقة الأذكى لتبريد المنزل في الصيف    حملة رقابية مشتركة بشاطئ غار الملح: رفع 37 مخالفة اقتصادية وصحية    كأس العالم للأندية 2025: برنامج مباريات السبت 21 جوان    الميناء التجاري بجرجيس مكسب مازال في حاجة للتطوير تجاريا و سياحيا    الدورة 56 لمهرجان الساف بالهوارية ستكون دورة اطلاق مشروع ادراج فن البيزرة بالهوارية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو (مدير المهرجان)    المنستير: انطلاق المسابقة الدولية في التصوير الفوتوغرافي والفيديو تحت الماء بعد تأجيلها بيوم بسبب الأحوال الجوية    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    المهدية : تنفيذ عمليات رقابية بالمؤسسات السياحية للنهوض بجودة خدماتها وتأطير مسؤوليها    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي الإفريقي    قبلي: اجراء 37 عملية جراحية مجانية لازالة الماء الابيض في اطار اليوم الوطني الاول لصحة العيون    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابتزاز السلطة بورقة الارهاب - بقلم عبد الرزاق قيراط
نشر في الفجر نيوز يوم 19 - 09 - 2013

إذا كنت صحفيّا تونسيّا فعليك بالنظر طويلا في المرآة. نصيحة قد لا تخلو من سخرية ولكنّها تنطوي على الكثير من الصواب، قدّمها عامر العريّض لجميع الصحفيّين الذين يمارسون عملهم ويحتاجون إلى نقد أو محاسبة أو رقابة ذاتيّة حسب تأويلنا لما صدر عنه منذ أيام في برنامج حواريّ على القناة الوطنيّة الأولى. عامر العريّض لم يكن متشنّجا أو غاضبا، بل كان يتحدّث مبتسما ولكن في ابتسامته مرارة من السؤال الذي طرح عليه بخصوص أداء الإعلاميّين في تعاملهم مع الأزمة السايسيّة "الخانقة" كما تصفها نشرة أخبار الثامنة منذ فترة طويلة. جاء السؤال بعد تقرير جامع يلخّص مراحل الأزمة بين الحكومة والمعارضة وما تخلّلها من محاولات الحلحلة التي قامت بها منظّمات المجتمع المدني وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، وحفلت تفاصيله بتصريحات قيادات المعارضة، ولكنّه خلا تماما من ردود ممثّلي الحكومة أو الترويكا وقد ظهرت صورهم ولم نسمع لهم ركزا، الأمر الذي استفزّ عامر العريّض فعبّر عن دهشته وتساءل عن السبب الذي جعل الأطراف الحاكمة صمّا بكما. ورغم توتّر الصحفيّ الذي كان يدير الحوار إلى حدّ مطالبته الضيف بتجنّب الخوض في العمل الصحفيّ، واصل العريّض حديثه مبتسما، طالبا من محاوره بهدوء أن يعيد مشاهدة التقرير ثمّ ينظر في المرآة.
الصورة بلاغيّة دون شكّ، وقد ثبت أنّ ركوب البلاغة مزعج لبعض النفوس الرقيقة، فتشنّج صحفيّ الوطنيّة الأولى ونهر عامر العريّض بطريقة غير لائقة، كما غضب لزهر العكرمي الوزير السابق عندما سأله مراسل المتوسّط سؤالا بلاغيّا: " هل الإعلاميّ فوق القانون؟"، ونقصد بالسؤال البلاغي تعبيره عن معاني إضافيّة تتجاوز دلالة الاستفهام إلى أغراض أخرى كالتمنّي والإنكار والتوبيخ والتعظيم والتعجّب والسخرية... وجميعها من الأسلحة الخطيرة، لذلك اتهم العكرمي مراسل المتوسط بالارهاب وطلب منه مراجعة دروسه. ومع ذلك لم يغضب الصحفيّ لأنّه على ما يبدو يعرف ما يقول ويعمل بنصيحة الناصحين فينظر يوميّا في المرآة.
عرضت القناة تفاصيل الهجمة التي طالت مراسلها وهو يحاور العكرمي "القياديّ" في حزب نداء تونس، والوزيرالسابق في حكومة قايد السبسي الذي منحه منصبا "لإصلاح وزارة الداخليّة".. كان العكرمي عبوسا كعادته متشنّجا وهو يتّهم قناة المتوسّط وصحفيّيها بالارهاب حسب ما جاء في نصّ التقرير ودعّمته الصورة لرجل يهتزّ ويزمجر غاضبا... لست أدري ماذا أصلح هذا الوزير السابق في الداخليّة قبل أن يصلح منطقه الخطير وهو يكشف لنا عن نواياه المؤكّدة لتكميم الأفواه التي تعارضه وإغلاق القنوات "التي تدعم الارهاب" إذا عادت له السلطة وخضعت له الرقاب...إنّه المنطق المتداول في الأيّام الأخيرة، فالحكومة برئيسها ووزرائها متّهمون بالارهاب، وقنوات بعينها كالزيتونة والمتوسّط متهمة بالارهاب..والمشهد مقتبس من المسرحيّة التي حدثت بمصر قبل شهرين. نجحوا في مصر للأسف الشديد، ولكنّهم فشلوا في تونس وعجزوا، فتشنّجت أعصابهم وتحوّلت خطاباتهم إلى نوع من الهذيان الذي يكشف عن بقايا الخطّة البائسة والقوالب الجاهزة المستوردة من رجال السيسي. علّم المصريّون التونسيّين الأسماء كلّها، فأسّسوا نوادي "التمرّد"، وبعثوا "جبهة الانقاذ الوطنيّ"، وردّدوا معزوفة "الارهاب" وكتبوا قصائد المديح لقيادات الجيش الوطنيّ، واستعملوا كلّ أنواع الهجاء في مخاطبتهم للحزب الحاكم الذي فقد فجأة بطاقة هويّته، فلم نعد نسمع اسم "النهضة" إلاّ نادرا، وإنّما هم "الإخوان الارهابيّون الأشرار" الذين يمكرون بالليل والنهار. "الإخوان" اختيار لغويّ دلاليّ فيه إضمار وترصّد يراعي الضرورة "الشعريّة" الانقلابيّة، حتّى يكون الاقتباس أكثر دقّة فيصيب أهدافه المرجوّة ويسحر العامّة في يوم الزينة وقد جُمع الناس في باردو أمام المجلس التأسيسيّ طيلة صيف حارق، ولكنّ السحرة فشلوا رغم عصيّهم وعصيانهم ممّا جعلهم يمارسون ابتزازهم للسلطة على المكشوف ودون حياء أو يأس. ولكنّ أوراقهم تتبعثر ونسختهم المشوّهة عن العقوق المصري لا تجد لها استجابة في ربوع تونس التي وُلدت فيها بذرة الربيع العربيّ فصارت "أمّ الدنيا" في انتظار أن تثوب مصر إلى رشدها وتزيح الغشاوة التي حلّت بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.