بالتصويت على الفصل 30 من الدستور تنتهي معركة الأيمان والكفر في تونس، تنتهي بالحرّية، للكافر ما اراد وللمؤمن ما يريد. معركة الكفر والأيمان" هذه ابتدأت منذ الأشهر الأولى من الثورة وبإشكال مختلفة، عرض افلام تهين الذات الآلاهيّة مثل "لا ربي لا سيدي" و "برسيبوليس" ، عرض صور مسيئة للرسول وللدين الإسلامي، حرق وتمزيق كتب القرآن، حرق العشرات من الزوايا. وقد كان النائب المنجي الرحوي، عن الجبهة الشعبية، الأكثر جرأة في المجاهرة بعدائه للإسلام، فقد قال في الجلسة العامّة للتأسيسي يوم 27/12/2013 بان القران "كتاب الإرهاب"، ثمّ احدث جلبة تحت يوم 03 يناير عند تمرير الفصل الأول من الدستور الذي ينصّ على انّ تونس دولة دينها الإسلام، وكان هو الوحيد الذي صوّت ضدّ هذا الفصل. هيجان الرحوي الغير مبرّر وحديثه عن الإسلام بلهجة عدائية، ثمّ انسحابه لا حقا، كان يهدف الى احداث ثلاث نتائج، الأول تعطيل عمل المجلس، وهو ما حصل. والثاني، احداث ردّة فعل ما من طرف نوّاب حركة النهضة او من خارج التأسيسي كأنصار الشريعة، وهو ما حدث ايضا، فقد تدخّل النائب الحبيب اللوز ليقول بأنّ الرحوي، بتصريحاته، قد فضح نفسه امام الشعب بعدائه للإسلام، وقد اعلن الرحوي مباشرة بعد ذلك بانّ هناك طرف قد هدّده بالتصفية الجسديّة في خلال ثمان وأربعين ساعة، وهو أمر مستغرب في سرعة الردّ، وخاصّة من هذا القاتل "الطيّب" الذي يُعلم ضحاياه بموعد القتل !!. وأمّا النتيجة الثالثة فهي "دسترة حقّ الكفر، وهو ما حدث ايضا، اذ انسحب نوّاب المعارضة مرّة ليفرضوا "تجريم التكفير" بإعادة التصويت على الفصل السادس من الدستور بعد تعديله. وإضافة جملة " تحجير التكفير" للفصل السادس من الدستور اعتبره الكثير حماية للكفار، اذا لا يمكنك التعبير عن رأيك امامهم لأن ذلك سيكون مخالفا لأعلى القوانين في تونس، وقد ذهب البعض ليتساءل على مصير "سورة الكافرون في القرآن"، وما موقف الدستور الجديد منها؟ !، وكان هذا نجاحا للحركة "الإبداعية" في الالتفاف التي استثمرها النائب الرحوي لخلق وضع جديد، ولجلد أحد نوّاب النهضة، اللوز، الذي لم يأت في تصريحه على كلمة كافر ولا على تكفير الرحوي، وإنّما تحدّث عن عداء. وقد جُلد اللوز بسياط النهضة، اكثر من جلده من الآخرين، لأنه عبّر رأيه، ولكن هل يكفل الدستور حرّية الرأي؟ الإجابة على هذا السؤال جاءت مباشرة في الفصل 30 من الدستور، الذي تمّ التصويت عليه دون عناء، و الذي اعلن صراحة بأن " حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة". اذن، فللكافر في تونس أن "يكفر" ويصدح بكفره ولا يحقّ لأحد أن "يكفّره"، وماعدا ذلك فالحرّية في كلّ شئ. وقد يكون هناك تناقضا جوهريّا بين الفصل 6 والفصل 30، الاّ ان واجب احترام "الكفر" أقدس من كلّ تناقض. بقلم: د. محجوب احمد قاهري 07/01/2014