من المفروغ ان التمشي السليم يقتضي ان يتم الحديث في كل المجالات وفق الاختصاص ووفق ثقافة المتحدث والميدان الذي التفت اليه واهتم به لتحصيل منتوجه المعرفي ، وإلا فيسعه ان ينظم الى قوافل المستمعين والسائلين والمستفسرين ، فقط في ميدانين اثنين شذ العديد عن هذه القاعدة وأحدثوا وأثخنوا ، في ميدان الدين الإسلامي وكرة القدم ، حيث تجد من يزايد على خطة مورينو وعلى اسلوب اللعب الجماعي لدى برشلونة وعلى منهجية الدفاع لدى المنتخب الايطالي ، وهذا الذي يعقب على كل ذلك قد لا يفرق بين "الهوند والفوت" إلا بحاسته السادسة اذا أسعفته . لسنا في مقام تناول محور الكرة ، فالجميع يعلم ان الحقيقة المطلقة توجد دوما في المدارج وخلف التلفاز ، لكن ما يدفع لتناول هذا الموضوع هو الهرج الذي احدثته بعض الشخصيات تحت قبة المجلس الوطني التاسيسي ، ومحاولات بعض النواب الغوص في نصوص الدين الإسلامي واستخراج الأحكام وتبسيطها مع جهلهم المتقع بالمسلمات فما بلك بالشرح والتاويل . بعض المجموعات الانقلابية تصر الحاحا على تتبع جريمة السيسي بحذافيرها ، فحين انقلب سفاح رابعة هناك خططوا هم للانقلاب هنا ، وحين دفع ارباب الانقلاب بنجوم الكرة والفن الى مساندة انقلابهم ، جلبوهم في تونس لإحياء ليالي رمضان في اعتصام الرحيل ، ولما اتخذ السيسي حركة تمرد لترهيب الشعب المصري وفتح الطريق لمشروعه الاجرامي ، أسس الأزلام واليسار الراديكالي تمردهم في تونس ، ولما كان السيسي قد أتى بمحمود بانجو على راس تمرد مصر فان مبعوث السبسي السيد محسن مرزوق اختار البرنس على راس تمرد تونس ، وعندما وصلنا الى احد اكثر المواضيع حساسية استنجد السيسي بالهام شاهين وليلى علوي واحمد بدير لتطعيم الدستور المصري وإعطاء الآيات القرآنية تأويلاتها الخاصة ، ورأينا من يقول لحديث شريف صدق الله العظيم ومن يقول عن حكمة يونانية صدق رسول الله ومن يقول أن عمر ابن العاص من الخلفاء الراشدين ومن يسمي المعوذتين بصورة المتعوذة ويصر على انها سورة في القرآن ويكثر الجدال في ذلك ،ومنهم تحدث عن القرآن الكريم في نسخته السابقة ولم يفسر الى يوم الناس هذا ما معنى نسخته السابقة.. على هذا المنوال وفي تونس موطن الثورة دخلت طائفة علمانية معتقة على الخط والتحقت بهم بعض رموز اليسار المتطرف وانطلقوا في مشروع تأويل القرآن ، ورأينا ما لم تره العين ولم تسمعه الأذن من قبل ، وبخلاف طبقة الملحدين الذين سبق وجاهروا بإلحادهم راينا نوعية من "إسلام ما يحررش او قاب قوسين و ادنى" تتحدث في أسباب النزول والمحكم والمتشابه وتتطرق الى مسائل شرعية يخال السامع انها تتحدث عن كل شيء إلا عن الشرع . لقد كانت فضيحة المجموعة العلمانية المتطرفة في تونس "بجلاجلها" في مسالة الدين وسقطوا في ما لم يسقط فيه السفاح السيسي ، ولم يكلفوا أنفسهم مشقة استئجار بعض الشيوخ مثلما فعل أمراء الانقلاب المصري ، وفيما ترك السيسي هذه المعركة لجمعة والطيب وغيرهم فان الطبقة اللائكية في تونس اختارت التعويل على مجهوداتها الذاتية وأدارت معركة التاويل بطريقة مغايرة ، طرحت تصورتها في النصوص وقالت اما هذا هو الإسلام وإلا الإضراب العام و"الفيسبا" و العباسي و غيرها من أدوات الردع. مسالة واحدة أعلن عنها الانقلاب في مصر ومازالت عالقة في تونس ، تلك هي قرار الممثلة المثيرة للجدل الهام شاهين بفتح قناة دعوية لحماية شباب مصر من "تطرف" الإخوان ، فمن تراها سعيدة الحظ التي ستبعث قناة لحماية شباب تونس من "تطرف" النهضة. نصرالدين