دعا الشيخ "عبد الفتاح مورو " إلى تأسيس مدرسة فكرية إسلامية وسطية "عاشورية"، تكون قادرة على عرض وتفعيل أفكار الفقيه التونسي الشهير الطاهر بن عاشور وتطويرها وشرحها بهدف معالجة الواقع المعاش في تونس ومجابهة كل تحدياته. جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها القيادي بالحركة عبد الفتاح مورو لدى مشاركته في مؤتمر دولي عقد في جامعة الزيتونة بالعاصمة تونس، الأربعاء، ويستمر ليومين تحت عنوان: "الأستاذ الإمام الطاهر بن عاشور وإعادة تأسيس العقل الفقهي الإسلامي". وقال مورو، إن المجتمع التونسي "لا يمكنه أن يتطوّر ويحقق التغيير المنشود إلا إذا تصالح مع ماضيه وارتبط بجذوره الأولى". وأشار مورو إلى أن "الفعل التغييري الذي تطمح تونس إلى تحقيقه في فترة ما بعد الثورة في جميع المجالات لا يمكن أن يتحقق إلا إذا ارتبط بعلم وثيق وصحيح"، مضيفًا أن "الذين يتطلعون إلى التغيير عن طريق توريد الأفكار الغريبة عن مجتمعاتهم وأصلهم هم واهمون". وأشاد مورو بفكر "بن عاشور" الذي اعتبره يقوم أولاً على تغيير العقلية الفكرية للمجتمع وإعادة ترتيبها بشكل يجعلها قادرة على العطاء والإضافة لمجتمعها والتغلب على المحن والتحديات من دون الانفصال عن ماضيها وجذورها. وأضاف أنه "من الضروري لتحقيق التغيير في المجتمع التونسي أن ينطلق من جذوره الأولى، وأن يتصالح أولا مع ماضيه العريق الذي يزخر بأيقونات العلماء والباحثين على غرار الشيخ الطاهر بن عاشور". وطالب بأن ينطلق الباحثون والطلبة في جامعة الزيتونة من فكر متأصل في مجتمعهم والاقتداء بتجارب من سبقوهم، داعيًا إلى تأسيس مدرسة تختص بطرح أفكار بن عاشور وتطويرها ومعالجتها من قبل الباحثين والطلبة، قائلاً: "لا يمكن للطاهر بن عاشور أن يشع بمفرده حتى ولو كان من أعظم علماء الكون". ويعد محمد الطاهر بن عاشور علامة وفقيه تونسي، انحدرت أسرته من الأندلس، ولد في تونس عام 1879، وتوفي عام 1973، تعلم بجامع الزيتونة المعمور ثم أصبح من أكبر أساتذته. كان عالمًا مصلحًا مجددًا، والقضية الجامعة في حياته وعلمه ومؤلفاته هي التجديد والإصلاح من خلال الإسلام وليس بعيدًا عنه، ومن ثَم جاءت آراؤه وكتاباته ثورة على التقليد والجمود، وثورة على التسيب والضياع الفكري والحضاري.