أكدت تونس خلال سنة 2008 أنها تستحث الخطى لترتقي إلى مرتبة القطب الإقليمي لتكنولوجيات المعلومات والاتصال معززة بذلك التصنيف الذي منحه إياها” منتدى دافوس” المخصص للقطاع حيث احتلت تونس وللسنة الثانية على التوالي المرتبة الأولى مغاربيا وإفريقيا من حيث درجة تهيئها لاستعمالات تكنولوجيات الاتصال. وانصهارا مع هذا التوجه احتضنت مدينة الحمامات خلال شهر نوفمبر الماضي المنتدى الدولي لتكنولوجيات المعلومات والاتصال للجميع “تونس زائد 3′′ الذي انتظم تحت سامي إشراف الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة إحياء الذكرى الثالثة للقمة العالمية حول مجتمع المعلومات. وقد اجمع المشاركون في هذا المنتدى على أن تونس «تمثل فضاء إقليميا متألقا في مجال الاستثمار في الأنشطة الواعدة» كما عبروا بصفة جلية عن إعجابهم بالتطور الذي سجلته البلاد في مختلف المجالات. وشكل هذا المنتدى فرصة لدعم الاستثمار والشراكة على مستوى البلدان العربية والإفريقية والمتوسطية. وبالفعل فقد أكدت مختلف الدراسات التي قامت بها المنظمات والهيئات المختصة العلاقة العضوية القائمة بين الاستثمار في مجال تكنولوجيات الاتصال ومساهمته المباشرة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد تركز اهتمام المشاركين في منتدى الحمامات مواكبة لهذا التمشي على موضوع السعة العالية وإنتاج المضامين بالاعتماد على شبكات الاتصال القارة والجوالة لا سيما في ضؤ ما يوفره هذا القطاع من فرص كبيرة وآفاق شاسعة لدفع التنمية والتشغيل وتعزيز إنتاجية المؤسسة. وقد أثبتت الدراسات أن ما يزيد عن 25 بالمائة من تطور الناتج المحلي الإجمالي للبلدان المتقدمة متأت مباشرة من دور قطاع تكنولوجيات المعلومات والاتصال وان 30 بالمائة من تحسن إنتاجية المؤسسات الاقتصادية والإدارية هو نتاج توسع دائرة استخدام التقنيات الحديثة والمنظومات الإنتاجية بالمؤسسة. وقد أضحى حجم الخدمات الرقمية المستعملة للانترنات وشبكات الاتصال يمثل لوحده حوالي 50 بالمائة من حجم تجارة الخدمات العالمية فضلا عن دور القطاع في استحثاث نسق التشغيل باعتبار أن كل موطن شغل يتم إحداثه بصفة مباشرة في هذا المجال يكون مرفوقا بخلق ما بين 3 و4 مواطن شغل بصفة غير مباشرة ضمن الأنشطة الأخرى والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية المتنوعة. وتضطلع شبكات الاتصالات ذات التدفق العالي للانترنات في هذا الصدد بدور حيوي إذ أنها تفتح آفاقا شاسعة للنهوض بالتجديد والتحديث والابتكار وتطوير المبادلات الالكترونية بين مختلف المتعاملين والفاعلين على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في العديد من القطاعات. والأكيد أن حرص تونس على الرقي بهذا الميدان الحيوي وكسب رهان مجتمع المعرفة بكل أبعاده تجسم على ارض الواقع خلال منتدى الحمامات حيث فاقت النتائج المسجلة التوقعات الأولية إذ شهدت هذه التظاهرة من منتدى وأنشطة موازية ومعرض تكنولوجي قدوم 1500 مشارك من 67 دولة عربية وافريقية وأوروبية وآسيوية وأمريكية. وتميزت هذه التظاهرة كذلك بحضور بارز على مستوى الوزراء وسامي المسؤولين بالمنظمات الدولية ورؤساء وأصحاب القرار ب180 شركة دولية ذات صيت عالم. وقد أثمرت عقد لقاءات ثنائية مفيدة بين المؤسسات فضلا عن إبرام عقود بين الشركات التونسية والأجنبية فيما عبرت العديد من المؤسسات الكبرى عن اعتزامها الاستثمار والتموقع في تونس. ومثل المنتدى فرصة متميزة لمتابعة تنفيذ توصيات وقرارات القمة العالمية حول مجتمع المعلومات الواردة بوثيقة “التزام تونس” التي عبرت فيها المجموعة الدولية عن المضي قدما نحو تذليل الفجوة الرقمية و”أجندة تونس لمجتمع المعلومات” التي جسدت الحرص على إيجاد صيغ تفتح آفاقا جديدة أمام سائر المجتمعات للنفاذ إلى شبكات المعلومات وتكنولوجيات الاتصال بدون أية معوقات أو حواجز. وقد أفاد الوزير الأول إبان افتتاحه لأشغال هذا المنتدى أن قمة تونس اتسمت بطابعها العملي حيث أفرزت وفاقا حول المنهجية التي يتعين اعتمادها بخصوص إدارة الانترنات إلى جانب تحسيس الأطراف المشاركة بضرورة الحد من الفجوة الرقمية وتقليص التفاوت بين الأمم في هذا المجال الحيوي. كما بلورت قمة تونس في هذا الإطار المقاربات لتامين النفاذ المتكافئ إلى المعرفة بالنسبة لسائر الشعوب وخاصة منها الشعوب الإفريقية وترسيخ هذا المسار على مستوى المجموعة الدولية في إطار رزنامة تمتد إلى سنة 2015 وتعيش تونس منذ سنوات وبفضل إرادة سياسية قوية على وقع حركية كبرى في قطاع تكنولوجيات الاتصال الذي تطور بنسق متسارع بفضل الرعاية التي يحظى بها من لدن الرئيس زين العابدين بن علي في نطاق إستراتيجية متكاملة الأركان وطموحة الأهداف. وأصبح القطاع يمثل حوالي 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بعدما كان في حدود 7 بالمائة منذ 3 سنوات فقط وهو حاليا يحقق نسبة نمو برقمين وحتى ثلاثة في العديد من المجالات. ولعل المؤشرات التي تسجلها تونس في الميدان تعتبر ابرز دليل على هذا النمو فقد تطور عدد مستعملي شبكة الانترنات بنسبة 100 بالمائة في ظرف سنتين ليرتفع إلى 2 مليون و400 ألف مستعمل للشبكة أي ما يوافق 2ر23 بالمائة مستعمل لكل 100 ساكن. كما تسجل تونس إقبالا للمستثمرين الأجانب حيث يعرف إحداث المؤسسات في هذا المجال حركة نشيطة فقد تضاعف عدد مراكز النداء ذات القدرة التشغيلية الكبرى ليصل إلى 200 مركز خلال سنة 2008 وهي توفر 17 ألف موطن شغل لأصحاب الشهادات العليا مقابل 5200 موطن شغل منذ ثلاث سنوات فحسب. وتم الحرص في هذا السياق على منح الأولوية إلى المناطق الداخلية للبلاد في دفع التنمية الجهوية وتحقيق التوزيع العادل لثمار النمو بين مختلف المناطق. وشهدت مختلف جهات البلاد أيضا إحداث مراكز العمل عن بعد باعتبارها منارات للتجديد وتصدير الذكاء وإحداث المؤسسات. وقد تم الانطلاق في بناء مراكز جديدة بولايات توزر و تطاوين ومدنين و زغوان وقبلي و باجة و جندوبة وسيدي بوزيد حيث يؤمل أن تستوفي أشغالها خلال سنة 2009 لتعزز بذلك المراكز الموجودة في كل من الكاف وقفصة وسليانة والقصرين والمنستير والقيروان وسوسة. وقد تم تحقيق هذه المؤشرات بفضل الجهود التي بذلتها سلطات الإشراف خاصة لتطوير الأطر التشريعية والقانونية وتعصير البنية التحتية الاتصالية وتوفير السعة العالية. ذلك أن هذا المجال أصبح يمثل العمود الفقري لاقتصاد المعرفة ولتطوير مناخ الاستثمار في قطاع الاتصالات. وعلى هذا الأساس عرفت البنية التحتية الاتصالية تطورا ملحوظا إذ تضاعفت سعة ربط البلاد بالشبكة الدولية للانترنات أربع مرات خلال هذه السنة لتصل إلى نحو 57ر8 جيغابيت في الثانية مع تركيز شبكة للألياف البصرية على امتداد 9 آلاف كلم تغطي كافة مدن البلاد الساحلية والداخلية إضافة إلى تنفيذ برنامج ربط المناطق الصناعية الكبرى ومناطق الخدمات “54 منطقة” بالألياف البصرية قصد توفير سرعة تدفق عالية جدا لفائدة أكثر من 1600 مؤسسة متواجدة بهده المناطق كدفعة أولى. إن الحظوة التي يلقاها قطاع تكنولوجيات المعلومات والاتصال في تونس والجهود المستمرة لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار أثارت اهتمام كبرى الشركات العالمية التي اختارت تونس للتمركز بها وممارسة أنشطتها الموجه إلى الأسواق الخارجية اعتمادا على كفاءات وطنية وهو ما يحفز البلاد كما أفاد بذلك الوزير الأول على وضع برنامج طموح لمزيد تعزيز موقع تونس في باب الإسناد الخارجي للخدمات المتصلة بتكنولوجيات الاتصال من خلال توفير فضاءات تكنولوجية جديدة تمسح أكثر من 100 هك لاحتضان المؤسسات والمستثمرين ومنحهم أفضل الخدمات على غرار قطب الغزالة لتكنولوجيات الاتصال الذي أصبح يضم 68 مؤسسة تشغل حوالي 1500 مهندس وإطار.