أخبار تونس — مع كل شريط جديد يتناول مسألة قريبة من الناس إلا ويحدث ضجة أو يفوز بجائزة عالمية ذات صيت فيتهافت الجمهور على قاعات السينما لمشاهدة عمله السينمائي، ذلك هو محمد الزرن المخرج السينمائي التونسي الحاصل على شهادة الدراسات العليا في السينما من فرنسا والذي قام بإخراج أفلام روائية ووثائقية طويلة وقصيرة شاركت في مهرجات دولية من بينها “الفاصلة” (1978) و”كسار الحصى” (1990) و”يا نبيل”(1993) و”السيدة” (1996) و”نشيد الالفية” (2000) و”الأمير” (2004). ومنذ أيام، نال محمد الزرن جائزة مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة ضمن فعاليات مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبوظبي بشريط “زرزيس”، وسعيا الى تسليط بعض الضوء على هذه الجائزة وعلى هذا التكريم الذي نالته السينما التونسية كان ل”أخبار تونس” هذا الحوار مع المخرج: img src="http://www.akhbar.tn/wp-content/uploads/2009/10/mhammed-zran2.jpg" alt="" title="محمد الزرن مخرج "زرزيس": شريطي حفريات في ذاكرة مدينتي وثراء شخصياتها" width="338" height="450" class="alignleft size-full wp-image-28524" / + إنه تكريم جديد ينضاف إلى رصيدك، ومن ثمة إلى السينما التونسية ككل بعد فوزك بهذه الجائزة كيف تلقيت هذا التتويج؟ - إن الجائزة تمثل بالنسبة لي تتويجا لجهود ثلاث سنوات ونصف من العمل الدؤوب في التحضير والتصوير والتركيب. كما أن افتكاك التميز ضمن عشرات الأعمال السينمائية العالمية ليس بالسهل. فالمهرجان في حد ذاته يعتبر تجمعا لأهم الأفلام المشاركة والفائزة في أشهر المهرجانات السينمائية مثل “كان” و”البندقية” و”برلين”. وفي النهاية، التتويج يعبر عما وصلت إليه السينما التونسية من نضج وازدهار مما جعلها تنافس خيرة الانتاجات في مجال الصورة وفن توليف المشاهد على المستوى الدولي. + شريط “زرزيس” حصد جائزة كبرى في عرضه الأول. لكن ما هي أهم المقاييس التي أكسبت عملك السينمائي استحسان لجنة التحكيم وإعجاب الجمهور؟ - قدم الشريط في عرضين متتاليين في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي بأبوظبي. وعقب انتهاء الشريط تلقيت عديد التحايا من الجمهور ومن النقاد مما جعلني أتأثر كثيرا، خاصة عندما خاطبني أحد النقاد، قائلا على سبيل الدعابة التي فيها كثير من الصدق والابتهاج “إذا كان تشيكوف حيا وشاهد الشريط فإنه سيتمنى أن يخرج عملا مثل عملك الرائع هذا”. أما عن رأي لجنة التحكيم، فالجائزة خير دليل على ذلك بالرغم من أنه عقب التصريح بالنتائج النهائية، أشار لي أحد أعضاء لجنة التحكيم إلى طول الشريط الذي تبلغ مدته 124 دقيقة، لكن ذلك لم يمنع الشريط من التفوق عن بقية الأعمال. كما تلقيت تهان مؤثرة من أصدقائي أبناء المدينة التي ساهم الشريط في التعريف بها. فلقد أصروا على الاحتفال بي وبالشريط في جرجيس. + هل يمكن أن تقدم شريطك الجديد للجمهور التونسي، فهو لم يعرض في تونس؟ الشريط هو من النوع الوثائقي الطويل، فيه كتابة عسيرة ليست سهلة، ولدتها عدة ظروف من ذلك وضعيات التصوير والتركيب ثم سمات الشخصيات المدرجة في بنائه وحبكته، فالشريط يصور أساسا بعض الوجوه والملامح من مدينتي جرجيس بالجنوب التونسي التي أحبها كثيرا بالرغم من أني لا أقضي فيها إلا فترات قصيرة من العطل وبعض المناسبات لكن عالمها يسكنني إلى حد التشبع. وفي نظري، تنطوي جرجيس على خصوصية بحكم آثار العولمة وأجهزة الاتصالات الحديثة والوضعيات المتحولة للناس. ولها جمالية فريدة وسحر خاص مما جعلها تستهوي البعض وتنفّر البعض الآخر. والشريط يركز على هذا التناقض بين مختلف الفئات الاجتماعية ويحاول كشف هذا الغموض المشوب بالتشويق الكامن في النسيج الاجتماعي للمدينة. + ما هي النماذج الاجتماعية التي اضطلعت بأدوار كبرى في شريط “زرزيس”؟ - الشريط هو بمثابة حفريات عميقة داخل المجتمع “الجرجيسي” إن صحت العبارة. وهو تكريم للناس وللبلاد وأنا تناولت شخصيات قريبة مني مثل شخصية أخي الطاهر وأسرته نظرا لطرافته وتحرره وثقافته الواسعة. فهو يشتغل معلما في أحد المدارس يتميز بالانفتاح والتناقض في نفس الوقت. الشخصية الأخرى التي نالت حظها في الشريط هو “شمعون” اليهودي صاحب محل المواد الغذائية الذي ظل يحافظ على طبائع وميزات اندثر مجملها في أيامنا، غير أنه مندمج في الحياة العامة للناس بل هو يعدّ “ذاكرة المدينة”. فالجميع يلتجأ إليه عند الحاجة. وهناك شخصية لا تقل أهمية أيضا وهي فاطمة المرأة الرائعة أو “الحنانة” التي تساهم في أفراح الناس ومسراتهم من خلال الأعراس والختان من خلال “الحناء”. + متى سيعرض الشريط في تونس؟ - أتمنى أن يكون ذلك قريبا والأرجح أنه سيعرض في شهر فيفري من العام القادم. + ما هي أهم برامج مشاركاتك القادمة في المهرجانات العالمية؟ - سأشارك قريبا في غرة نوفمبر في مهرجان “فلورنسا” بإيطاليا. وهو مهرجان عريق عمره الآن 50 سنة. كما أتمنى أن يعرض شريطي “زرزيس” في المدينة التي صور بها من خلال حفل يحضره عديد الإعلاميين من كافة الأقطار، قصد التعريف بهذا المكان الساحر من تونس الجميلة علما وانني صورته بالإمكانيات المتاحة ووفق ما يعيشه أهل جرجيس فمثلا أخذت مناظرا بواسطة المظلات السياحية الموجودة في النزل بالمدينة. وإذا نجحنا في كسب جائزة عالمية عبر تصوير هؤلاء الناس العاديين والبسطاء في شريط “زرزيس” فلماذا لا نرجع لهم الجميل بمثله؟ . فتونس ألف أهلها على التواصل من خلال أسمى معاني التوادد والتراحم كما أن تونس تثبت دائما ومن خلال أمثلة ملموسة أن أهلها قادرين على الإبداع وإدهاش العالم وإثبات قدرتهم المتواصلة على إنتاج المزيد من قيم التسامح والتآلف.