أخبار تونس تعتبر المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية ومكافحة التصحر من الخيارات الإستراتيجية الاقتصادية والاجتماعية الثابتة في تونس. وفي هذا الإطار تحتضن تونس المؤتمر الدولي “جيو تونس 2009 “في دورته الرابعة حول ” دراسة الموارد المائية والتصحر باستخدام نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد والنمذجة الرقمية” والذي ينعقد من 16 إلى غاية 20 ديسمبر. ومثل المؤتمر مناسبة تم فيها تسليط الضوء على آخر الإجراءات المتخذة في مجال التنمية البيئية. وقد سعت تونس منذ فجر التحول إلى إرساء سياسة رشيدة للمحافظة على التنمية المستديمة وعلى الموارد الطبيعية وتعزيز علاقات التعاون والشراكة بين جميع الدول بما يسمح بنقل التقنيات والخبرات وتبادل التجارب الناجحة، ولاسيما تقنيات وتكنولوجيات الجغرفة الرقمية وإرساء قيم الشراكة والتضامن الفاعل من أجل مكافحة التصحر ودعم التنمية المستديمة بالمناطق الأشد تعرضا لهذه الظاهرة. ولمزيد مجابهة التحديات البيئية الناجمة عن الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية وتزايد نسق النمو السكاني والعمراني بعديد المناطق، كانت تونس من الدول الأولى التي صادقت على الاتفاقيات البيئية الكونية ومنها الاتفاقية الأممية لمكافحة التصحر منذ سنة 1995. ولوضع مختلف هذه التوجهات حيز التنفيذ تم إحداث المجلس الوطني لمكافحة التصحر ليمثل إطارا جامعا لبرامج ومشاريع المحافظة على الموارد الطبيعية، كما تم إحداث اللجان الجهوية لتجسيم المقاربات التشاركية والتنسيق مع جميع الهياكل على المستوى المحلي والجهوي. وفضلا عن أهمية الدور الهام الذي يضطلع به المجلس في مجال مقاومة التصحر وتطوير آليات المتابعة والتقييم، فإنه تم استكمال الدراسة الإستراتيجية حول وضعية التصحر بالبلاد التونسية والتي على ضوئها وضعت قاعدة بيانات خرائطية ضمن منظومة تبادل المعلومات حول مكافحة التصحر وإنتاج مؤشرات دالة على وضعية التصحر وكل ما يتعلق بها من عناصر من ماء وتربة ونبات. وظلت الجهود جلية من خلال تطوير خطة عمل مكافحة التصحر على المستوى الوطني والتي تهدف أساسا إلى تنمية الفلاحة البعلية وتطوير استغلال الموارد المائية غير التقليدية ودعم البحث العلمي قصد مزيد تطوير غراسة البقوليات لزيادة خصوبة الأراضي واستنباط أصناف ملائمة للخصائص المناخية بكل جهة. ونظرا لنجاعة برامج التشجير في مجال مكافحة التصحر تم العمل على تنفيذ استراتيجية وطنية للنهوض بالقطاع الغابي والرعوي مكنت خلال الفترة المتراوحة بين2002-2009 من تشجير مساحة تناهز 130 ألف هكتار مع تطور معدل نسق الإنجاز السنوي من 15 ألف هكتار إلى 20 ألف هكتار. ولمقاومة زحف الرمال تم تهيئة 118 ألف هكتار من المراعي إلى جانب إقامة 2800كلم من الطوابي وتعلية 6200كلم وغراسة 41 ألف هكتار من الهندي الأملس. وتقوم وزارة البيئة والتنمية المستديمة حاليا بإعادة هيكلة موقع منظومة تبادل المعلومات حول التصحر والعمل على إيواء النتائج التي أفضت إليها دراسة وضعية التصحر بالبلاد التونسية والمتمثلة في متابعة وضعية الموارد الطبيعية وخرائط حساسية الموارد البيئية للتصحر لكل الولايات والمناطق الإيكولوجية صلب المنظومة. هذا وقد ورد بالبرنامج الرئاسي للخماسية القادمة 2009-2014 مجموعة من التوصيات التي تدعم مختلف توجهات منظومة اليقظة والرصد والإنذار المبكر، إذ سيتم العمل على إعداد منظومة إنذار مناخي مبكر تعتمد النمذجة الرقمية وتأخذ بعين الاعتبار مختلف الظواهر الطبيعية (الجفاف والفيضانات وموجات الحر والعواصف وارتفاع مستوى البحر) ومختلف القطاعات ( فلاحة وصحة وبنية تحتية وتصرف في الموارد الطبيعية ومنظومات البيئة). هذا وتجدر الإشارة إلى أن المحافظة على الأراضي بمختلف أنحاء العالم تعتبر من التحديات الهامة، إذ تهدد ظاهرة التصحر حوالي 46 بالمائة من المساحة الجملية للقارة الإفريقية وهو ما يعادل 485 مليون ساكن، أما على المستوى العالمي وحسب ما تبرزه الاتفاقية الأممية لمكافحة التصحر فإن الأراضي المهددة بهذه الظاهرة الطبيعية تقدر بحوالي 4 مليار هكتار في العالم أي ما يمثل 40 في المائة. وفي تقرير الصندوق العالمي للطبيعة “WWF” فإن عدة سلوكيات غير رشيدة مثل الإفراط في استغلال الأرض والرعي الجائر، فضلا عن التعرية والانجراف والتوسع العمراني...تتسببت في فقدان حوالي 30 بالمائة من الموارد الطبيعية من سنة 1970 إلى غاية 1995. هذا ويقدر برنامج الأممالمتحدة للبيئة الكلفة الناجمة عن التصحر ب 42 مليار دولار أمريكي سنويا.