أخبار تونس على أجنحة الكثبان الرملية الرحبة رسمت ريشة المخرج التونسي كريم الدريدي مشهدا جاء مشحونا بالتغني بكل القيم الطبيعية لشمال القارة الإفريقية في شريط طويل ناطق باللغة الفرنسية حمل عنوان ” الرحلة الأخيرة”. وحال عرضه بقاعات السينما في فرنسا منذ يوم 16 ديسمبر حظي هذا الفيلم باهتمام كبير من لدن عشاق الفن السابع. يأخذ فيلم هذا المبدع التونسي الذي ما انفك في هذه السنوات الأخيرة يحصد النجاح تلو الآخر، المشاهد في حيثيات مغامرة شائكة تقودها بطلة الفيلم التي تعلن عن عزمها البحث عن حبيبها الأنقليزي كابتن بيل لانكاستر الذي كان قد اختفى خلال عبوره صحراء شمال إفريقيا. ونظرا لصعوبة المهمة التي أقدمت عليها البطلة بجسارة قامت بطلب المساعدة من جنود فرنسيين كانوا قد أقاموا في الصحراء. ويسعف البطلة تجاوب أحد قادة القوات العسكرية الفرنسية ( Antoine Chauvet) الموجود في الصحراء زمن الاستعمار والذي سيقاسمها مشوار البحث عن الكابتن بيل. وقد لعب دور البطولة في هذا الفيلم كل من ماريون كوتيار وقوييوم كناي أحد أبرز الوجوه الصاعدة في السينما الفرنسية واللذين كانا قد لعبا معا دور البطولة في عمل سينمائي حمل اسم “ألعاب أطفال”. هذا وقد تجلى من خلال هذا العمل السينمائي تمكن كريم الدريدي من الإخراج السينمائي والإمساك بخيوط الإبداع واتخاذ الصحراء الإفريقية أساسا عليه يرتكز المشهد ويستلهم مفرداته من كثبان رملية ونخل وإبل وخيمات. ومن الأسباب التي جعلت المخرج يختار الصحراء ما يتمتع به هذا الفضاء من مناظر خلابة قادرة على ترك بصمة مؤثرة في النفس محفوفة بخصوصيات حقبة تاريخية جد مهمة في تاريخ القارة السمراء. ويذكر أن كريم الدريدي من المخرجين الشبان التونسيين من مواليد1961 وهو أيضا كاتب سيناريو، وكان قد تولى إدارة الفوتوغرافيا في فرنسا وتعود انطلاقة تجربته إلى أفلام قصيرة تنوعت مواضيعها من فن الملاكمة إلى الاختلاف الثقافي وعدم المساواة الاجتماعية... ومنذ ذلك الحين يرسم هذا المخرج لنفسه مسارا واضح المعالم في العمل الإبداعي السينمائي ميزته التمسك بالهوية التونسية والإفريقية مع الانفتاح على مختلف الحضارات والثقافات وقد تجلى ذلك في فيلمه “خمسة” الذي تم تتويجه سنة 2008 في أيام قرطاج السينمائية.