أخبار تونس – تعدّ الفنانة سنيا مبارك من بين النساء التونسيات اللاتي حققن نجاحا وتميزا كبيرين على المستوى الوطني و العالمي، حيث قدمت هذه الفنانة إنتاجا غنائيا غزيرا وعطاء موسيقيا قيّما فضلا على اضطلاعها بمهنة التدريس بالمعهد العالي للموسيقى ومشاركتها في عديد الندوات والتظاهرات في المجال الموسيقي على غرار ندوة “الموسيقى من أجل كون متضامن” والتي اختتمت يوم 8 فيفري 2010 كما أوكلت لها مهام إدارة مهرجان الموسيقى التونسية لعدة دورات. وفي سجل الفنانة سنيا مبارك عدة أعمال غنائية مثل عرض “موسيقى بلا حدود” وعرض “أصوات الحرية” وعرض “تحت السور” وتكريم عبد الوهاب مع ثلة من الفنانين العرب والمسرحية الغنائية “ديدون” 1995 وعرض ” غارسيا لوركا وغرناطته”...وأصدرت الفنانة عدة ألبومات وغنت في حفلات كثيرة وعملت مع بعض الموسيقيين التونسيين والعرب على تطوير الإنتاج الموسيقي العربي مثل الأستاذ محمد القرفي والعازف العراقي نصير شمة وغيرهما.. و احتفاء معها باليوم العالمي للمرأة و سعيا إلى متابعة أهم مشاريعها الغنائية الجديدة وللوقوف معها عند ما حقته المرأة في تونس من رقي وتطور في عدة مجالات اتصلت “أخبار تونس ” بالفنانة سنيا مبارك فكان هذا الحوار: كيف تقيّم سنيا مبارك عطاء المرأة التونسية في عيدها العالمي وماذا تمثل هذه الذكرى السنوية لديك؟ تشهد المرأة التونسية تميزا كبيرا ونجاحا على كل المستويات وتحسنت صورتها الاجتماعية وأصبحت تحظى بمكانة مرموقة بالمقارنة بوضع نظيراتها في عدة دول أوروبية متقدمة ولقد تحققت لها هذه الرفعة بفضل الإرادة السياسية القوية والقرارات الجريئة لا سيما من خلال تطوير مجلة الأحول الشخصية وسن عديد التشريعات. وترجع هذه المكانة التي حظيت بها المرأة حسب رأيي لسببين على الأقل هما: الثقة الكبيرة التي منحت لها لأن تكون شريكا فاعلا وفعليا للرجل في التنمية والتطور العلمي والثقافي فمنحت بذلك أرفع المناصب السياسية مثل تقلدها لمهام وزارية أو دخولها مجلس النواب ومجلس المستشارين واضطلاعها بتسيير المؤسسات وإدارة المشاريع وغيرها من المهام النبيلة. أما السبب الثاني فأرجعه إلى الاقتناع بتطور المرأة وتغير النظرة الدونية لها وإدراك أهميتها وفعاليتها في الميادين الفكرية والعلمية والثقافية زيادة على دورها الأساسي كأم وكمربية، ولذلك أصبحت المرأة جديرة بأن تشارك في النهوض بمجتمعها وتمثل بلدها في مختلف المحافل الدولية خاصة تلك المتعلقة بالتقدم العلمي والفكري، ومن يزور تونس اليوم يلاحظ بيسر التطور الكبير الذي تتمتع به المرأة التونسية ومدى التحرر الذي بلغته وأنا أقصد هنا التحرر بمعناه الايجابي. وفي ما يتعلق بي كفنانة فأعتبر نفسي محظوظة لأنني ترعرعت في بيئة اتسمت بجني ثمرات المساعي الحثيثة التي بذلها أعلام الإصلاح والتحرر الوطني مما أسهم بشكل فعال بجعلي أعمل على ترقية مبادئ التسامح والحوار مع الآخر من خلال إعدادي لعدة مشاريع غنائية في هذا التمشي. في خطابه بمناسبة افتتاح فعاليات الندوة العربية حول “صورة المرأة العربية في كتاباتها” التي ينظمها إتحاد الكتاب التونسيين تحت إشراف رئيسة منظمة المرأة العربية السيدة ليلى بن علي استشهد وزير الثقافة والمحافظة على التراث بقولة للشاعر الفرنسي لويس اراغون بأن “المرأة تشكل مستقبل الإنسانية”، ألا ترين أن هذه المقولة تظل فعالة وباستمرار في كل عصر؟ لقد غنيت هذه القصيدة الرائعة منذ حوالي 20 سنة في مهرجان الحمامات في أول عرض منفرد خاص بي على الخشبة ودرست نفس القصيدة في معهد “بيير منديس فرانس” بتونس العاصمة وأعجبت بها أيما إعجاب وكان لي شرف تأديتها بعد أن خيرني مدير مهرجان الحمامات فرج شوشان في ذلك الوقت بين قصيدة آراغون وقصيدة “المرأة الزنجية”la femme noir للشاعر السينغالي الكبير ليوبولد سيدار سينغور فاخترت رائعة اراغون.. ولكي أظهر مدى اقتناعي بمقولة “المرأة تشكل مستقبل الإنسانية” أقبلت على غناء عديد القصائد التي تبث هذه الرسالة النبيلة من خلال الكثير من الحفلات مثل “موسيقى بلا حدود ” الذي عرض بتونس ومصر واسبانيا كما غنيت قصائد لنازك الملائكة وللشاعرة العراقية الرومانسية لميعة عباس عمارة التي أحبذ نصوصها وغنيت قصائد أخرى بلغات أجنبية مثل الفرنسية والاسبانية واليونانية والتركية. أنت تعدين منذ السنة الفارطة مشروعا غنائيا جديدا محوره شخصية “أروى” القيروانية فمتى يشاهد جمهورك هذا العرض؟ هو عمل ضخم يتناول شخصية امرأة مثقفة كونت مجلسا أدبيا خاصا بها يجمع الأدباء وأهل الفن الرفيع فسطع نجمها وبلغت شأوا كبيرا وتزوجها الخليفة العباسي، وأردت أن تكون هذه المرأة رمزا لربط جسر التواصل بين المغرب العربي والمشرق وشرعت برفقة فريق عمل متكامل في إعداد المشروع لكن التكلفة المادية المرتفعة لتنفيذه جعلته يتأخر نوعا ما عن الصدور. وتعود فكرة عرض “أروى” القيروانية للشاعرة جميلة الماجري كما يشتغل الملحن الطاهر القيزاني والمسرحي حسن المؤذن وعديد الفنانين والتقنيين على تهيئة العرض الذي يتطلب كثيرا من الوقت مما جعلني أقدم المشاريع ذات الأولوية المتمثلة في العرض الخاص بالشابي في مهرجان قرطاج، لا سيما وأنني أطمح إلى أن يكون عرض “أروى” القيروانية في مستوى عالمي فيما يتعلق بالجوانب التقنية. هل تفكرين في خوض تجربة المسرح الغنائي أو الأوبرالي البحت وماهي أهم العروض التي ستقدمينها قريبا في تونس أو بالخارج ؟ أحب المسرح الغنائي وخاصة البعد الحواري والكوني للموسيقى كما أرنو في نفس الوقت إلى أن أمثل الهوية الموسيقية التونسية خير تمثيل وأفكر دائما أن أغني الجديد وأقدم أعمالا فيها جهد لا أن أعيد أغاني أم كلثوم على سبيل المثال... ومن العروض القريبة سأغني في العاصمة القطرية الدوحة التي هي عاصمة ثقافية للقارة الآسيوية عسى أن أخفف من ظهوري المقل بالخليج العربي كما أنني أعد عمل “وجد 2′′ بعد أن حقق عرض “وجد 1′′ نجاحا كبيرا الذي لحنه لي صالح المهدي ومحمد الماجري وقدمته في مهرجان المدينة وهو مواصلة لما شرعت فيه منذ سنوات بتأدية بعض الأغاني الصوفية على الطريقة القادرية وغيرها من الطرق المنتشرة في تراب الوطن. وعرض “وجد 2′′ مخصص للشعراء الصوفيين من الأندلس وسيقوم باختيار النصوص الشاعر محي الدين خريف.